Micraj Ila Kashf Asrar
المعراج إلى كشف أسرار المنهاج
Géneros
قوله: (وهو امر منفصل فيقدح في أن تعلقه لذاته) هكذا ذكر أصحابنا أن التعلق لا يجوز وقوعه على شرط مفصل، وإنما يتوقف على اختصاص المعنى المتعلق وهو غير منفصل، وهو فيه نظر فإن من قواعدهم أن المنافاة حاصلة بين الضدين لما هما عليه في ذاتيهما من الصفة المقتضاة مع أنها واقعة على شرط منفصل وهو مصادفة الضد في المحل، وإنما الذي يمتنع وقوفه على شرط منفصل هو إيجاب العلل لما كان يؤدي وجودها غير موجبة إلى ألا تفرق بين وجودها وعدمها، وإلى ألا يكون إلى إثباتها طريق، وليس كذلك التعلق فحكمه حكم المنافاة، فإن قلتم: أحد تعلقات العلم سكون النفس ولا ملائمة بينه وبين المنافاة بل هو صادر عن صفة العلم التي هي بالفاعل، قلنا إن صح ذلك فأبو هاشم لا يمنع من حصول السكون حال حصول العلم الجملي وإنما يمنع التلعق من الوجهين الأخيرين، والله أعلم، وفي قوله لكان قد وقف تعلقه على العلم بأن هذا المعين ظلم إلى آخره نظر آخر وهو أن يقال: ورود هذا الوجه ينبني على بقاء العلم، فأما مع القول بعدم بقائه فلا يتأتى؛ لأن ذلك العلم لم يقف تعلقه على حصول شرط منفصل بل عدم في الوقت الثاني فهو غير متعلق أصلا وأنت لا يمنع من وجود علم غير متعلق، وهذا الذي تعلق هو علم ثان، والجواب بل هذا الوجه متأت على القول بعدم بقاء العلم؛ لأن أبا هاشم قد جعل العلم بأن كل ظلم قبيح لا يتعلق إلا إذا حصل العلم بأن هذا المعين ظلم سواه فرضنا الكلام في العلم الحاصل في الوقت الأول أو الحاصل في الوقت الثاني، وإنما الذي ينبني على بقاء العلم الوجه الذي أورده ابن مثوبة حيث قال: فإذا كان العلم بقبح الظلم جملة هو العلم بأن هذا يعينه قبيح فكيف يجوز إلا بتعلق في الأول ويقف تعلقه على وجود علم آخر بأن هذا ظلم، ولهذا قال ابن مثوبة: وهذا الفرع يستقيم على قول من يجوز بقاء العلوم، فأما تحريرز المصنف فلا يرد عليه؛ لأنه لا كلام في استلزام مذهب أبي هاشم مصير التعلق موقوفا على شرط منفصل سواء فرضا أن الواقف تعلقه على شرط منفصل علم باق أو حاصل في الحال.
قوله: (وبعد فلو لم يتعلق العلم الجملي لما فصل أحدنا بني العشرة التي علم كون زيد فيها إلى آخره) يعني لأن هذا الفصل هو تعلق النسبة الذي هو التعلق العام فلو لم يكن متعلقا لم يحصل هذا الفصل؛ لأن ذلك معنى كونه غير متعلق وحصول الفصل يقضي بكونه متعلقا.
قوله: (والجواب أن من شرط التضاد إلى آخره) اعلم أن شروط التضاد بين الإعتقادين وغيرهما من المتعلقات تعاكس التعلق مع اتحاد المتعلق، والوقت والطريقة والوجه باعتقاد قدوم قدوم زيد وقت الظهر راكبا من جملة العشرة تضاد اعتقاد أنه لم يقدم وقت الظهر راكبا من جملة العشرة، فأما اعتقاد قدومه وقت العصر أو غير راكب أو وحده أو قدوم زيد آخر فلا يضاده لما لم تكمل الشروط بل يصح اجتماعهما فلعدم دعاء الداعي إليهما وقد ذهب أبو يعقوب البستائي إلى أنه لا تضاد بين الإعتقادات ولبسط الكلام في ذلك موضع هو أخص به من هذا.
فصل
قوله: (والعلم من قبيل الإعتقاد) أي عند جمهور المتكلمين فإنهم ذهبوا إلى أنه ضرب من جنس الإعتقاد، وبعض من أبعاضه، وليس بجنس مستقل، وقال أبو الهذيل: العلم جنس مستقل ليس من ضرورة الإعتقاد ولا من أبعاضه.
Página 64