216

Micraj Ila Kashf Asrar

المعراج إلى كشف أسرار المنهاج

قوله: (ولم أجد لأحد من أصحابنا في الرد عليهم) إلى آخره.

أما قولهم أن الحكم يقبح الظلم والكذب ونحوهما والحكم بوجوب شكر المنعم ورد الوديعة ونحوهما قضايا مشهورة وذكرهم للأسباب القاضية بذلك فقد ذكره الإمام يحيى في التمهيد في مسألة التحسين والتقبيح ورد عليهم وأبطل كلامهم في ذلك من وجهين:

أحدهما: أنه إن كان الغرض بقولهم أن هذه قضايا مشهورة على معنى أن العقول قاضية بحسنها وقبحها فهو المطلوب، وإن كان الغرض بقولهم أن هذه القضايا مشهورة أنها اشتهرت بين العقلاء وألفتها طباعهم وانغرست في قلوبهم محبتها والميل إليها من غير علم بحسنها وقبحها فهذا هو المنكر والشناعة، فإنا على علم ويقين من حال العقلاء في رسوخ هذه القضايا في عقولهم وتحققها في أفهامهم لا لبس عليهم فيها كسائر الأمور الضرورية من النداية وغيرها مع أنا لاننكر أن العلوم متفاوتة في الظهور والخفا ولكنها مستوية في التحقيق والثبوت.

وثانيهما : أن كلامنا معهم ليس إلا في بيان أن هذه القضايا مقررة في الأذهان متحققة في العقول فإذا ساعدونا على هذا التحقيق، فقولهم بعد ذلك أنها قضايا مشهورة وآراء محمودة وأنها تنغرس في الصبا وأوائل النشو لايضرنا بعد تسليم كونها عقلية.

قال عليه السلام: وعلى الجملة فنحن نقول أن هذه الضقايا مقررة في العقول وهم يزعمون أنها مشهورة ونحن نقول أن النفرة عن هذه المقبحات نفرة عقلية وهم يقولون أنها نفرة طبيعية مع الاتفاق منا ومنهم على أن موردها العقل ومستندها الضرورة كما ذكره المحققون من متأخريهم وأنت إذا تحققت هذا منا ومنهم عرفت أن الخلاف بيننا وبينهم في هذه القضايا يقرب أن يكون لفظيا.

قوله: (وأنه لايقدح في ذلك ما يقوله أهل الزيغ).

يريد بذلك الفلاسفة أهل الميل عن الحق القاصدين إلى القدح في الإسلام وإزاغة أهله عنه ومن تابعهم.

فصل

لابد بين الدليل والمدلول من تعلق.

Página 236