Micraj Ila Kashf Asrar
المعراج إلى كشف أسرار المنهاج
Géneros
وأما الفائدة السادسة: وهي في بيان طرف من شرف العقل فقد ذكر ذلك بعض أصحابنا وحاصل كلامه أنه قد ثبت أن الموجودات أشرف من المعدومات لتأثير الصانع فيها ودلالتها عليه وعلى قادريته وعالميته وأن النامي من الموجودات أشرف من غيره لاختصاصه بمزيد إحكام وبديع انتظام وغرابة في خلقه وعجيبة في صنعته، وأن الحيوان أشرف من غيره من الناميات لما خصه الله به من حصول أبلغ درجات الإحكام مع ما خلق فيه من القدرة والشهة وتمكينه من الانتفاع وأن العاقل من الحيوان أشرف من غير العاقل لتمكنه بالعقل من العبادات والطاعات التي ..... إلى درجة الثواب التي لاينالها غيره من الحيوانات وليمكنه بالعقل من التفكر والنظر في ملكوت السموات والأرض وما فيهما من عجائب الصنعة وغرائب الحكمة ولمعرفته بما ينفعه ويضره من الأمور الدينية والدنيوية ولتمكنه من الاهتداء بالشمس والقمر وانلجوم في مسالكه ولأأوقات عباداته ولتمكنه به من معرفة منشأه وخلقته ولخلوصه به عن أن يكون مملوكا متصرفا عليه، وما نال ذلك كله إلا بالعقل ولا غرو في ذلك إذ عده العلماء من أصول النعم فالحمدلله الذي جعلنا ممن خصه به حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه.
وقد روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه تعالى لما خلق العقل قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو عندي أشرف منك بك أعطي وبك أثيب وبك أعاقب وبك آمر وبك أنهى. إذا عرفت هذا فالمختص به ثلاثة أصناف الملائكة عليهم السلام وهم أشرف العقلاء لأنهم لايعصون الله ما أمرهم ولايرتكبون ذنبا بل يمتثلون أوامره تعالى ويحتذون ما نهى عنه وبنو آدم وهم أتم العالم السفلي وأكثرهم نعمة، قال تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم}، وقال تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} والجن فإنهم ممن حظي بشرف العقل وثبت لهم على كثير ممن خلق الفضل.
Página 134