Micraj Ila Kashf Asrar
المعراج إلى كشف أسرار المنهاج
Géneros
الجهة الثالثة: اختلف القائلون بأنه ضروري وهم الأكثر فمنهم من ذهب إلى أنه معدود في كمال العقل، وهو مذهب أبي علي، وصححه الحاكم وظاهر كلام المتأخرين والأكثر الميل إليه، وذهب أبو هاشم إلى أنه غير معدود من كمال العقل إن كان قد عده في بعض كتبه من علوم العقل لكن الذي صح من مذهبه عدم عده منها، واحتج أبو علي بأن أحدنا لايصح أن يكون في بلد له جانبان فيسمع وهو في أحدهما على طول الدهر بالجانب الآخر ثم لايعلمه فيجب أن يكون هذا العلم معدودا في كمال العقل، واعترضه أبو هاشم بأن هذا إنما يجب الآن لثبوت تكاليف سمعية متعلقة بالأخبار نحو العلم بمكة، والعلم بالنبي والقرآن، وليس اعتراضه هذا بواضح لأنه يقال: هذا يوجب حصول العلم فيما علينا فيه تكليف لا ماليس فيه تكليف ثم أنه متى لم يفعل في أحدنا العلم بذلك فلا تكليف عليه فيما يتعلق بمخبره كمن لم يبلغه الخبر، واحتج أبو هاشم بأنه لاوجه يقتضي المنع من حصول العلوم المتقدمة من دون العلم بمخبر الأخبار المتواترة فيجب جواز انفرادها عنه، وإذا كان كذلك لم يعد منها كما أن العلوم المكتسبة لما صح ذلك فيها لم يعد من علوم العقل، وهو احتجاج ضعيف لأن علوم العقل لايجب حصولها معا ولايجب فيما كان منها لاينفك عن سائرها وهو معارض بعلم الخبرة فإن ما ذكره حاصل فيه، واحتج أيضا بأنه لو كان من كمال العقل يحصل عند أول خبر ولما وقف على التكرار.
وأجاب عنه الحاكم بأن قال: ولم إذا كان يحتاج إلى تكرار لم يكن من كمال العقل ويجوز أن يكون ضروريا ويحتاج إلى التكرار كالصنائع وكالمحفوظ وفيه نظر.
Página 123