Methodology of the Salaf in Defending the Creed
منهج السلف في الدفاع عن العقيدة
Géneros
رابعًا: إحسان الظن بالمخالف:
من منهج السلف -رحمهم الله تعالى- إحسان الظن بالمخالف، وخصوصًا ممن عرف بالصلاح والبحث عن الحق، فقد أمرنا الله بذلك فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ [الحجرات: ١٢]، وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: " لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًا وأنت تجد لها في الخير محملًا" (^١).
وعن سعيد بن المسيب ﵀ قال: كتب إلى بعض إخواني من أصحاب رسول الله ﷺ: " أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شرًا وأنت تجد لها في الخير محملًا .. " (^٢).
ودخل الربيع بن سليمان أحد تلامذة الإمام الشافعي على الشافعي وهو مريض، فقال له: "قوَّى الله ضعفك". فقال الشافعي: "لو قوى ضعفي لقتلني"، فقال الربيع: "والله ما أردت إلا الخير"، فقال الشافعي: " أعلم أنك لو شتمتني لم ترد إلا الخير .. " (^٣).
وهم في هذا لا يُخادَعون، وإنما يحسنون الظن بمن يستحق ذلك، أما المخادع فهم لا يغترون بكلامه بل ولا يحسنون الظن به، ولذلك يقول عمر بن الخطاب ﵁: "لست بخِب ولا يخدعني الخِب (^٤) " (^٥).
خامسًا: الرحمة:
ومن أخلاق السلف -رحمهم الله تعالى- أنهم يعلمون الحق ويرحمون الخلق، فهم حين يردون على المخالف لا يريدون بذلك الانتصار لأنفسهم، وإنما رغبة في الأجر الأخروي، ورحمة بذلك الشخص الذي يرد عليه؛ ليبعده عما هو فيه من عقائد ضاله، يقول النبي ﷺ: " الراحمون يرحمهم الرحمن" (^٦)، ويقول ﷺ: " من لا يَرحم لا يُرحم" (^٧)، وقال ﷺ: " لا يرحم الله من لا يرحم الناس" (^٨).
(^١) الدر المنثور، للسيوطي: ٦/ ٩٢. (^٢) المرجع السابق: ٦/ ٩٩. (^٣) آداب الشافعي ومناقبه، لعبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي: ٢٧٤. (^٤) الخِب: الخدّاع الخائن. (^٥) مجموع الفتاوى: ١٠/ ٣٠٢. (^٦) سنن أبي داود: كتاب الأدب، باب: في الرحمة، رقم (٤٩٤١). (^٧) صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب: رحمة الولد وتقبيله ومعانتقه، رقم (٥٩٩٧). (^٨) صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب: قول الله ﵎: ﴿أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ﴾، رقم (٧٣٧٦).
1 / 42