Methodological Advice for the Student of Sunnah
نصائح منهجية لطالب علم السنة النبوية
Editorial
دار عالم الفوائد
Número de edición
الأولى ١٤١٨ هـ
Ubicación del editor
مكة المكرمة
Géneros
أكثر!!! أولئك كانت حياتهم كرامة، ووجهدهم معجزة خارقة للعادات!!! فأين نحن من أن نحوي علومهم؟! وأنى لنا أن نستوعب علم ما خلفوه لنا؟! ومع ذلك فقد تكلم هؤلاء أنفسهم عن فضل التخصص في العلم، فما أجهلنا إن حسبنا أننا بغير التخصص سنفهم علمًا من العلوم!!!
ولقد سبرت بعض أحوال المتعلمين، فوجدت أكثرهم علمًا وإنصافًا وتواضعًا، وأدقهم نظرًا وفهمًا، وأحسنهم تأليفًا وإبداعًا: هم أصحاب التخصصات. في حين وجدت أقلهم علمًا وإنصافًا، وأكثرهم كبرًا وتعاليًا وتعالمًا، وأبعدهم عن الفهم والتدقيق وعن الإبداع والإحسان في التأليف: المتفننين أصحاب العلوم، أو سمهم بالمثقفين؛ إلا من رحم ربك.
ومن فضل صاحب التخصص الفضل الظاهر، الذي يقرني عليه المنصف، أن صاحب التخصص لا يثرب على المتفنن، بل يراه أكثر أهلية منه في أمور كإلقاء المحاضرات والدعوة ومواجهة العامة، ويعتبره بذلك على ثغرة من ثغرات الإسلام، ويرى أن الأمة في حاجة إلى أمثاله. وأما أصحاب الفنون، فعلى الضد من ذلك، فهم أكثر الناس تثريبًا وعيبًا على المتخصصين، ولا يرون لهم فضلًا عليهم ولا في العلم الذي تخصصوا فيه، وينازعونهم مسائلة (وهم بها جهلاء)، ويشنعون عليهم لعدم معرفتهم ببعض ما لم يتخصصوا فيه.
ولك بعد هذا أن تحكم، أي الفريقين أدخل الله في قوله تعالى (إن الله يحب المقسطين) (١) .
ولله ما يلاقيه أصحاب التخصصات من إخوانهم المتفننين!! من عدم فهم الأخيرين لتخصصاتهم، مع كلامهم فيها ومنازعتهم أهلها، بل قد يصل الأمر إلى استغلال أصحاب الفنون علاقتهم بالعامة والغوغاء، وانبهار هؤلاء بهم، فيتطاولون على أصحاب التخصصات وعلى علومهم، بما لا يؤلم العالم شيء مثله، وهو الكلام بجهل، وتشويه العلوم.
_________
(١) المائدة (٤٢)، والحجرات (٩)، والممتحنة (٨)
1 / 20