225

Memoirs of a Witness to the Century

مذكرات شاهد للقرن

Editor

(إشراف ندوة مالك بن نبي)

Editorial

دار الفكر

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٠٤هـ - ١٩٨٤م

Ubicación del editor

دمشق - سورية

Géneros

ولكن ما إن تناولنا آخر لقمة حتى خرجنا فوجدت فعلًا الجدار من الخشب الذي يقام احتياطيًا على وجه كل عمارة جديدة، تغطيه لافتة تتضمهن إعلانًا شعريًا لا أتذكر وزنه ولا نصه، وإنما أتذكر منه البيت الأخير (ومحمد مات بعدما اعترف أن لا إله إلا البا)، الذي ترك في ذاكرتي أثر الجرح. لقد كان فعلًا جرحًا لم أستطع تحمله ذلك اليوم، ولم أعرف كيف أشفي غليلي، ولا على من أصب غضبي بسببه، غير أن فكرة غامضة توجهني إلى الحي اللاتيني بعد أن نقلت على كراستي نص الإعلان الشنيع، فحاولت أن أصب غضي في ضمير إخواني الطلبة الجزائريين فلم أوفق، وانقلب غضبي في ضميري إلى هيجان الكلب المسعور فتوجهت إلى مسجد باريس، لعلي أجد مديره المشرف على الشؤون الإسلامية، فلم أجده. ولم يبق إلا أن أسلم الورقة التي نقلت عليها شعر البا إلى إمام المسجد، راجيًا منه أن يسلمها للمدير (السيد بن غبريط) حالما يعود.
ورجعت إلى غرفتي في ساعة متأخرة ليلًا والأسى يصك عظامي، وألقيت نفسي على السرير يؤرقني الألم، وعندما أطفأت النور انطلقت من شفتيّ لعنة على من يتجرأ هذه الجرأة العمياء على حرمة النبي، وانتهت اللعنة في صورة تضرّع:
- يا الله ... إن النبي تمس كرامته ولا تزلزل الأرض!!
ولم تكد هذه الكلمات تمر في فكري حتى شعرت بسريري يتأرجح، وفجأة نسيت دار البا واللافتة والطلبة ولم يبق في ذهني إلا فكرة واحدة:
- هذا شخص تحت السرير!.
فولعت النور على الفور، ولم يكن أحد تحت السرير بطبيعة الحال، ولكنني لم أشك فيما شعرت به من تأرجح دون أن أفسر الأمر بوجه.
وفي الغداة شرعت في تحقيق لأتأكد، فسألت جيراني في الدور فلم يشعر

1 / 230