181

ذكريات

ذكريات - علي الطنطاوي

Editorial

دار المنارة للنشر والتوزيع

Edición

الخامسة

Año de publicación

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

Ubicación del editor

جدة - المملكة العربية السعودية

Géneros

فيه أحد بمثل هذه الموضوعات، وشكرًا لأخينا الأستاذ ظافر ﵀ أن طبعه ونشره (١).
كان في الشام أقمشة تُنسَج على المنوال وتُباع قطعًا، كل قطعة لثوب واحد، تُسمّى «الصاية». منها الرخيص المصنوع من القطن ونحوه وهو «الديما» والغالي من الحرير وشبهه وهو «الألاّجة»، وهو القماش المخطّط اللمّاع الذي تُصنَع منه «قفاطين» المشايخ في مصر، وكنا نلبسه في الشام في الأعياد. تتعدّد فيه ألوان القماش والخطوط المرسومة على القماش وأشكال هذه الخطوط فيكون منه عشرات وعشرات من الأنواع، وهو متين يكاد يعيش مع لابسه شطر عمره ولا يبلى.
فالديمجي هو صانع الديما. ولما درّسونا التركية أيام الحرب الأولى علّمونا أن النسبة إلى الصناعات تلحقها غالبًا جيم قبل ياء النسبة، فنقول: بندقجي وكندرجي، وإلى البلدان بزيادة لام قبلها، فنقول: إزميرلي (نسبة إلى إزمير) وأورفلي (نسبة إلى أورفا، وأورفا هي الرُّها قديمًا). وأنا أكتب هذه الذكريات كلها من

(١) كان الشيخ محمد سعيد القاسمي (وهو من علماء دمشق) من العارفين بالصناعات الشامية، فأنشأ كتابًا فيها سمّاه «بدائع الغُرَف في الصناعات والحِرَف» جعله مرتّبًا على حروف المعجم، فلما بلغ أواخر حرف السين توفي، فأتمّه ابنه الشيخ جمال الدين (صاحب التفسير) مشترِكًا مع خليل أسعد العظم وأسمياه «قاموس الصناعات الشامية». وللشيخ محمد سعيد كتاب نفيس آخَر في دمشق اسمه «حوادث دمشق اليومية». والأستاذ ظافر القاسمي الذي نشر كتاب الصناعات هو ابن الشيخ جمال الدين (مجاهد).

1 / 192