Mazid Fath al-Bari Bisharh al-Bukhari - Manuscript
مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط
Editorial
عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري
Ubicación del editor
https
Géneros
بغير ألف ولام
قوله: (أَذَّنَ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ ﷺ الظُّهْرَ فَقَالَ: أَبْرِدْ أَبْرِدْ، أَوْ قَالَ: انْتَظِرِ انْتَظِرْ، وَقَالَ: شِدَّةُ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلاة حتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُوْلِ).
مطابقته للترجمة ظاهرة.
هذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في الصَّلاة عن آدم وعن مسلم بن إبراهيم، وفي صفة النَّار عن أبي الوليد، كلِّهم عن شُعْبَة عن مهاجر أبي الحسن، وأخرجه مسلم في الصَّلاة عن أبي موسى عن غندر به، وأخرجه أبو داود فيه عن أبي الوليد، وأخرجه التِّرْمِذي فيه عن محمود بن غيلان عن أبي داود عن شُعْبَة بمعناه.
قوله: (أَذَّنَ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ ﷺ هو بلال كما سيأتي قريبًا، وقال العَيني: لأنَّه جاء في بعض طرقه: «أَذَّنَ بِلَالٌ» أخرجه أبو عَوانة، وفي أخرى له: «فأرادَ أنْ يؤذِّنَ فقالَ: مه يا بلال».
قوله: (الظُّهْرَ) بالنصب، أي أذَّن وقت الظُّهر، ولما حذف المضاف المنصوب على الظَّرفيَّة أقيم المضاف إليه مقامه، ورواية الإسماعيلي بلفظ: «أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ بِالظُّهْرِ» وسيأتي بلفظ الظهر وهما واضحان.
قوله: (فَقَالَ: أَبْرِدْ أَبْرِدْ) يعني مرَّتين، وفي لفظ أبي داود: «فأرادَ المؤذِّنُ أنْ يؤذِّنَ الظهرَ فقالَ: أبردْ ثمَّ أبرد، ثمَّ أرادَ أنْ يؤذِّنَ فقالَ: أبردْ. مرَّتين أو ثلاثًا».
قوله: (عَنِ الصَّلَاةِ) قد ذكرنا وجهَ (عَنْ) هنا في الحديث السابق.
قوله: (حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُوْلِ) التُّلُول -بضمِّ المُثَنَّاة من فوق واللام جمع تَلٍّ بفتح المُثَنَّاة وتشديد اللام- قال ابن سِيدَه: من التُّراب معروف، والتَّل من الرَّمل: كَوْمَة منه، وكلاهما من التَّلِّ الذي هو إلقاء ذي جثة، والتلُّ: الرابية، وفي «الجامع» للقزَّاز: التَّلُّ من التُّراب وهو الرابية منه يكون مكدوسًا وليس بحلقة، والفيء فيما ذكره ثعلب في «الفصيح» يكون بالعشي كما أنَّ الظلَّ يكون بالغداة، وأنشد:
الظلُّ من برد الضحى تستطيعه... ولا الفيء من برد العشي تذوق
قال: وقال أبو عُبَيْدَة: قال رُؤْبَة بن العَجَّاج: كلُّ ما كانت عليه الشَّمس فزالت فهو فيء وظلٌّ، وما لم يكن عليه شمس فهو ظلُّ. وعن ابن الأعرابي: الظلُّ ما نسخته الشَّمس، والفيء ما نسخ الشَّمس، وقال القزاز: الفيء رجوع الظلِّ من جانب المشرق إلى جانب المغرب، وفي «المخصص»: والجمع أفياء وفيوء، وقد فاء الفيء فيأً: تحوَّل، وهو ما كان شمسًا فنسخه الظلُّ، وقيل: الفيء لا يكون إلَّا بعد الزَّوال، وأمَّا الظلُّ فيطلق على ما قبل الزَّوال وبعده، ويروى: «فيٌّ» بتشديد الياء.
قال شيخنا: قوله: (حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُوْلِ) كذا وَقَعَ هنا مؤخَّرًا عن قوله: (شِدَّةُ الحَرِّ) إلى آخره، وفي غير هذه الرواية وَقَعَ ذلك عقب قوله: (أَبْرِدْ) وهو أوضح في السياق؛ لأنَّ الغاية متعلِّقة بالإبراد، وسيأتي في الباب الذي بعده بقيَّة مباحثه إن شاء الله تعالى. انتهى.
قال العَيني: واعلم أنَّ كلمة حتَّى للغاية، ولا بدَّ لها من المغيَّا، وهو متعلِّق بقال، أي كان يقول إلى زمان الرؤية: أبرد مرَّةً بعد أخرى، أو هو متعلِّق بالإبراد، أي أبرد إلى أن ترى الفيء وانتظر إليه، ويجوز أن يكون متعلِّقًا بمقدَّر محذوف تقديره: أخَّرنا حتَّى رأينا فيء التلول. انتهى.
فيه دلالة على أنَّ الأمر بالإبراد كان بعد التأذين، ولكن في لفظ آخر للبخاري: «فَأَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنْ لِلْظُّهْرِ» وظاهر هذا أنَّ الأمر بالإبراد وَقَعَ قبل الأذان، وقال شيخنا: يجمع بينهما على أنَّه شرع في الآذان فقيل له: (أَبْرِدْ) فترك، فمعنى (أَذَّنَ) شرع في الأذان، ومعنى: (أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ) أي يتمُّ الأذان، والله أعلم.
قال العَيني: هذا غير سديد؛ لأنَّه لا يؤمر
بتركه بعد الشروع فيه، ولكن معناه: أراد أن يشرع في الأذان فقيل له: أبرد، فترك الشروع، والدليل عليه لفظ أبي عوانة: «فأرادَ أنْ يؤذِّنَ فقالَ: مه يا بلال» كما ذكرناه، ومعناه: اسكت، لا تشرعْ في الأذان، والأقرب في هذا أن يحمل اللفظان على حالتين فلا يحتاج إلى ذكر الجمع بينهما. انتهى.
قلت: ما قاله شيخنا هو الأقرب؛ لأنَّ الأصل عدم التعدُّد، والظَّاهر من هذا الحديث إنَّه بعد التأذين، وما أوَّله العَيني لا يحتاج معه إلى جمع؛ لأنَّه جعل معنى (أَذَّنَ) أراد أن يؤذِّن كما في الرواية الأخرى، فعلى هذا ما فائدة قوله: على حالتين، لأنَّ الحالتين على تأويله كالحالة الواحدة، وإلا فيكون معنى هذه الرواية أنَّه أمره بالإبراد بعد الأذان، وقد قال: إنَّه لا يؤمر بتركه بعد الشروع فتأمَّله. انتهى.
٥٣٦ - قوله: (حَدَّثَنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ) المديني، أي الإمام المُبَرِّز.
قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) أي ابن عُيَيْنَة.
قوله: (قَالَ: حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ) أي محمَّد بن مسلم.
قوله: (عَنْ سَعِيْدِ بنِ المسَيِّبِ) أي ابن حَزن، أبو محمَّد القُرَشي المَخزُومي المديني، ختن أبي هريرة على ابنته وأعلم النَّاس بحديثه.
قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ) أي عبد الرحمن بن صخر ﵁.
في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضعين، وفيه القول والحفظ في هذه الرواية وفي رواية الإسماعيلي عن جعفر الفِرْيابي عن علي بن المديني شيخ المصنِّف فيه بلفظ: (حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ) موضعَ (حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ)، ورواية البخاري أبلغ؛ لأن حفظ الحديث من الشيخ فوق مجرد سماعه منه، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع، وقوله: (عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ)، كذا رواه أكثر أصحاب سُفْيان عنه، ورواه أبو العبَّاس السرَّاج عن أبي قدامة عن سُفْيان عن الزُّهْري عن سعيد أو أبي سلمة أحدهما أو كلاهما، ورواه أيضًا من طريق سعيد بن أبي حمزة عن الزُّهْري عن أبي سلمة وحدَه، والطريقان محفوظان، فقد رواه اللَّيث وعَمْرو بن الحارث عند مسلم، ومَعْمَر وابن جُرَيج عند أحمد وابن أخي الزُّهْري وأسامة بن زيد عند السرَّاج ستتهم عن الزُّهْري عن سعيد وأبي سلمة كلاهما عن أبي هريرة.
قوله: (عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبرِدُوا بِالصَّلَاةِ؛ فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، وَاشتَكَتِ النَّار إِلى رَبِّها فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَها بِنَفَسَينِ، نَفَسٍ فِي الشِّتاء وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، أَشَدِّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وَأَشَدِّ ما تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيْرِ).
مطابقته للترجمة ظاهرة.
هذا الحديث أخرجه النَّسائي في الصَّلاة أيضًا عن قُتَيْبَة ومحمَّد بن عبد الله كلاهما عن علي بن المديني.
٥٣٧ - قوله: (اشتَكَتِ النَّارُ) قيل: إنَّه موقوف، وقيل: معلَّق، وهو غير صحيح، بل هو داخل في الإسناد المذكور، والدليل عليه: أنَّ في رواية الإسماعيلي قال: «واشْتَكَتِ النَّارُ» أي قال النَّبِيُّ ﷺ: «اشْتَكَتِ النَّارُ»، قال شيخنا: وقد أفرده أحمد في «مسنده» عن سفيان، وكذلك السَّرَّاج من طريق سُفْيان وغيره. انتهى.
وشكوى النَّار إلى ربِّها يحتمل وجهين، أحدهما: أن يكون بطريق الحقيقة، أي بلسان القال، والثاني: بطريق المجاز، أي لسان الحال، قال ابن عبد البرِّ: لكلا القولين وجه ونظائر، والأوَّل أرجح، وإليه ذهب عياض، وقال القُرْطُبي: لا إحالة في حمل اللَّفظ على الحقيقة؛ لأنَّ المخبر الصادق بأمر جائز
1 / 51