La muerte visita Pemberley
الموت يزور بيمبرلي
Géneros
وكان ما أشعرهما بالراحة هو وصول الخطاب الذي كثيرا ما طال انتظاره من أمريكا إلى لونجبورن، وتسلم إليزابيث نسخة منه هذا الصباح على يد كيتي. لم يكتب ويكهام سوى سرد مقتضب، وأضافت إليه ليديا بضعة أسطر على عجل. كانت استجابتهما تجاه العالم الجديد تنم عن الحماسة. فكتب ويكهام بصفة رئيسية عن الجياد الرائعة، وعن خططه هو والسيد كورنبندر على إنتاج جياد السباق، بينما كتبت ليديا أن ويليامزبيرج تعد متطورة في كافة المناحي والأشكال عن ميريتون المضجرة، وأنها كونت صداقات بالفعل مع بعض الضباط وزوجاتهم المتمركزين في حامية للجيش بالقرب من المدينة. وقد بدا من المحتمل أن ويكهام وجد أخيرا مهنة من المرجح كثيرا أن يستمر فيها؛ وفيما يتعلق بمسألة ما إذا كان قادرا على الاحتفاظ بزوجته، كان آل دارسي يشعرون بالامتنان كثيرا؛ نظرا إلى أن ثلاثة آلاف ميل من مياه المحيط تفصلهم عنها.
قال دارسي: «كنت أفكر في ويكهام وفي الرحلة التي واجهها هو وأختنا، وللمرة الأولى وبكل صدق أتمنى له التوفيق. إنني واثق من أن المحنة الكبيرة التي مر بها قد تؤدي حقا إلى الإصلاح الذي كان القس كورنبندر واثقا للغاية بشأنه، وأن العالم الجديد سيستمر في تحقيق كافة آماله وأمانيه، لكن الماضي جزء لا يتجزأ من تكوين الشخص في الحاضر، وأمنيتي الوحيدة الآن هي ألا أراه مرة أخرى أبدا. إن محاولته لإغواء جورجيانا كانت شائنة وبغيضة لدرجة أنني لا أستطيع أن أفكر فيها أبدا من دون أن أشعر بالمقت والاشمئزاز. لقد حاولت أن أبعد الحادثة كلها عن ذهني وكأنها لم تحدث، وهي حيلة كنت أعتقد أنها ستكون سهلة لو أنني وجورجيانا لم نتحدث عنها فيما بيننا.»
كانت إليزابيث صامتة للحظات. لم يكن ويكهام شبحا يلقي بظلاله على سعادتهما، ولا يمكن له أن يخرب الثقة التامة التي كانت بينهما سواء أتحدثا بها أم لم يفعلا. إن لم يكن ذلك زواجا سعيدا لما أصبح للكلمات معنى. كما أن صداقة ويكهام فيما مضى مع إليزابيث لم تذكر قط من قبل؛ وذلك بسبب دقة الأمر الذي كان كلاهما يشعر به، لكنهما كانا متفقين على رأيهما فيما يتعلق بشخصية ويكهام وأسلوب حياته، وشاركت إليزابيث زوجها عزمه على ألا يتم استقبال ويكهام في بيمبرلي مرة أخرى أبدا. وباحترامها لدقة الأمر نفسه لم تتحدث إليزابيث إلى دارسي قط عن هروب جورجيانا المقترح، الأمر الذي رأى دارسي أنه كان خطة من ويكهام ليضع يده على ثروة جورجيانا، ولينتقم لنفسه على الإهانات التي كان يظن أنه تعرض لها في الماضي. كان قلب إليزابيث يمتلئ بالحب تجاه زوجها والثقة في حكمه وقراره بحيث لم تكن به مساحة للانتقاد؛ ولم يكن بإمكانها أن تتخيل حتى أنها تصرفت مع جورجيانا من دون تفكير أو اهتمام، لكن ربما حان الوقت لكي يواجه الأخ وأخته ماضيهما، ويتحدثا عنه مهما كان قاسيا.
فقالت إليزابيث بنبرة رقيقة: «هل ذاك الصمت بينك وجورجيانا قد يعد خطأ يا عزيزي؟ علينا أن نتذكر أن شيئا كارثيا لم يقع. فقد وصلت إلى رامزجيت في الوقت المناسب واعترفت جورجيانا بكل شيء، وشعرت هي بارتياح كبير لفعل ذلك. إننا حتى لا نستطيع أن نتأكد من أنها كانت ستهرب معه في الواقع. ينبغي عليك أن تنظر إليها من دون أن تتذكر دوما ما هو مؤلم لكما. وأعرف أنها تتوق إلى أن تشعر بأنك سامحتها.»
فقال دارسي: «أنا من هو في حاجة إلى السماح. إن مقتل ديني جعلني أواجه مسئولياتي، ربما للمرة الأولى، ولم تكن جورجيانا وحدها هي من أصابها الجرح من إهمالي وتقصيري. لم يكن ويكهام ليهرب مع ليديا قط، ولم يكن ليتزوجها قط ويدخل عائلتكم إن كنت كبحت كبريائي، وأخبرت بحقيقته حين ظهر للمرة الأولى في ميريتون.»
قالت إليزابيث: «لم يكن بمقدورك أن تفعل ذلك من دون أن تفشي سر جورجيانا.» «ربما كانت كلمة تحذير في الوقت المناسب لتؤدي الغرض. لكن السوء والإثم يمتد لما هو أبعد من ذلك في الماضي؛ إلى قراري بأن أبعد جورجيانا عن المدرسة وأن أضعها في رعاية السيدة يونج. كيف لي أن أكون أعمى وغير مكترث ومهملا بهذه الدرجة، تجاه أبسط الاحتياطات. ألست أنا أخاها، والرقيب عليها، والشخص الذي وثق والدي ووالدتي فيه ليرعاها ويبقيها في أمان ؟ كانت في ذلك الوقت في الخامسة عشرة فقط من عمرها، ولم تكن سعيدة في المدرسة. كانت تلك المدرسة عصرية ومكلفة، لكنها لم تكن تقدم لها الحب والرعاية، بل نمت فيها الكبرياء وقيم عالم التأنق والعصرية، وليس التعليم النافع والمنطق السليم. كان من الصواب أن تغادر جورجيانا تلك المدرسة، لكنها لم تكن مستعدة لذلك الوضع الذي أعددته لها. فهي مثلي تتسم بالخجل من المجتمع ولا تثق به؛ وقد رأيت ذلك بنفسك حين كنت مع السيد والسيدة جاردنر وكنت تتناولين المرطبات للمرة الأولى في بيمبرلي.»
فقالت إليزابيث: «لقد رأيت أيضا ما كنت أراه دائما، وهو الثقة والحب الذي كان موجودا بينكما.»
ثم استطرد دارسي وكأنها لم تتحدث. فقال: «وقد وضعتها في ذلك الوضع - أولا في لندن - ثم عاقبتها بنقلها إلى رامزجيت! كانت في حاجة إلى أن تبقى في بيمبرلي؛ كانت بيمبرلي هي موطنها. وكان بإمكاني أن أحضرها إلى هنا، وأن أجد لها امرأة مناسبة لتكون رفيقتها، وربما بحثت لها عن مربية لتزيدها علما، أهملت حتى توفير القدر الضروري منه، وقد انشغلت حتى عن أن أكون بجوارها لأقدم لها الحب والدعم الذي يقدمه الأخ. بدلا من ذلك وضعتها تحت رعاية امرأة سأفكر فيها دوما على أنها كانت تجسيدا للشر، رغم أنها الآن ترقد ميتة، وتتجاوز أي مصالحة دنيوية. أنت لم تتحدثي عن هذا الأمر قط، لكن لا بد أنك تساءلت لماذا لم تظل جورجيانا معي في بيمبرلي، وهو المنزل الوحيد الذي تعده هي موطنا لها.» «أقر بأنني كنت أتساءل بين الحين والآخر، لكن بعد أن قابلتك وجورجيانا معا لم أستطع أن أصدق أنك تصرفت تجاهها بفعل أي دافع آخر سوى سعادتها ورفاهها. أما عن رامزجيت، فربما أوصى الأطباء بأن تنتعش بهواء البحر. ربما أصبحت بيمبرلي مشبعة جدا بالحزن بعد أن مات والداك فيها، وربما تسببت مسئوليتك تجاه التركة في صعوبة تخصيص وقت كبير لجورجيانا كما كنت ترغب. رأيت أنها كانت سعيدة لكونها معك وكنت واثقة من أنك كنت تتصرف تجاهها دوما كأخ محب لها .» هنا سكتت إليزابيث لحظة، ثم استطردت: «ماذا عن الكولونيل فيتزويليام؟ كان يرافقك كوصي. وأعتقد أنكما قابلتما السيدة يونج معا؟» «أجل، بالفعل. أرسلت عربة لتحضرها إلى بيمبرلي من أجل لقائها ثم دعوناها بعد ذلك لتمكث على العشاء. وباستعراض ما حدث حينها، يمكنني أن أرى كيف تم التلاعب بسهولة بشابين سريعي التأثر بها. لقد قدمت نفسها كخيار مثالي لمن يحصل على مسئولية فتاة يافعة. وقد ظهرت بذلك المظهر، وتحدثت بالكلمات المناسبة، وادعت بأنها ذات حسب ونسب، وأنها متعلمة وتكن تعاطفا تجاه اليافعين، وأنها تتمتع بأخلاق لا تشوبها شائبة وسلوكيات فوق مستوى الشبهات.» «ألم تذكر أحدا ممن يشهدون لها بذلك؟» «كانت استشهاداتها مذهلة. كانوا بالطبع أشخاصا مزيفين. وقبلناهم بصفة أساسية لأن مظهرها أغوانا، ولأنها بدت مناسبة ظاهريا للمهمة، وعلى الرغم من أننا كان ينبغي علينا أن نراسل أرباب عملها السابقين، إلا أننا أهملنا فعل ذلك. لم نتواصل سوى مع شخص واحد ممن استشهدت به وقد برهنت الشهادة التي تلقيناها فيما بعد أنه كان من معارف السيدة يونج، وأنه كان مزيفا كطلبها الأصلي. أعتقد أن فيتزويليام أرسل الخطاب، وأنه ظن أن الأمر كان متروكا لي وأتقبل أنا أن الأمر كان مسئوليتي؛ فقد استدعي للعودة إلى الفوج العسكري، وكان مشغولا بأشياء أكثر إلحاحا. إنني أنا من ينبغي عليه أن يحمل عبء الذنب. لا يمكنني أن ألتمس العذر لأي منا، لكنني التمست الأعذار لنا حينها.»
فقالت إليزابيث: «كان ذلك التزاما شاقا على شابين مثلكما لم يكونا متزوجين، حتى ولو كان أحدهما أخا. ألم يكن هناك أي قريبة أو صديقة مقربة للعائلة كان بمقدور الليدي آن أن تشركها كوصية على جورجيانا؟» «تلك كانت المشكلة. كان الخيار البديهي حينها هي الليدي كاثرين دي بيرج، وهي الأخت الكبرى لأمي. ولو اختارت أمي أحدا غيرها لدب شقاق سيدوم طويلا بينهما. لكنهما لم تكونا مقربتين قط، وكانت تصرفاتهما مختلفة تماما. كانت أمي تعد في العموم متزمتة في آرائها ومشبعة بكبرياء طبقتها الاجتماعية، لكنها كانت الأطيب والألطف تجاه من هم في حاجة أو ورطة، وكان حكمها لا يخطئ أبدا. وأنت تعرفين كيف هي الليدي كاثرين، أو بالأحرى كيف كانت. إن طيبتك الكبيرة معها بعد الفاجعة التي أصابتها هي ما بدأ يلين قلبها تجاهك.»
قالت إليزابيث: «لا أستطيع أبدا أن أفكر في مآخذ الليدي كاثرين من دون أن أتذكر أن زيارتها إلى لونجبورن، وإصرارها على معرفة ما إن كانت هناك خطبة بيننا، وإصرارها على منع ذلك إن كانت هناك خطبة هو في الواقع ما قربنا بعضنا من بعض.»
Página desconocida