La muerte visita Pemberley
الموت يزور بيمبرلي
Géneros
لم يكن هناك المزيد من الأسئلة، وبدا من الواضح أن شهادة الشهود لجهة الادعاء قد تمت. فهمس ألفيستون إلى دارسي قائلا: «كلام ميكلدور رائعا. لقد أقر الكولونيل بشهادتك وخيم الشك على موثوقية شهادة برات . بدأت أشعر بالأمل، لكننا لا يزال أمامنا حديث ويكهام ودفاعه عن نفسه وتوجيهات القاضي إلى هيئة المحلفين.»
الفصل الثامن
كان واضحا من أصوات الشخير التي كانت تسمع من آن لآخر أن احترار قاعة المحكمة قد دفع إلى النوم، لكن الآن كان هناك همس ولمز وفورة من الاهتمام حين اعتلى ويكهام في النهاية منصة الشهود ليتحدث. كان صوت ويكهام واضحا وثابتا من دون أن تنتابه الانفعالات، وظن دارسي وكأنه يقرأ الكلمات التي يمكن أن تنقذ حياته ولا يتحدثها من تلقاء نفسه. «أقف أمامكم الآن وأنا متهم في جريمة قتل الكابتن مارتن ديني، وقد رددت على تلك الاتهامات بأنني لست مذنبا. وأنا بريء تماما من جريمة قتله، وها أنا ذا أقف الآن أمام المحكمة. لقد خدمت مع الكابتن ديني قبل أكثر من ست سنوات في الجيش، وحينها أصبح صديقا مقربا ورفيقا في السلاح. واستمرت تلك الصداقة وأصبحت حياته مهمة لي بقدر أهمية حياتي. إنني كنت لأدافع عنه ضد أي اعتداء عليه ولو كلفني ذلك حياتي، وكنت لأدافع عنه بحياتي لو كنت حاضرا حين وقع عليه ذلك الاعتداء الجبان الذي أودى بحياته. قيل في الشهادة إنه كان هناك خلاف بيننا حين كنا في الحانة قبل أن ننطلق في تلك الرحلة المشئومة. ولم يكن ذلك الخلاف أكثر من خلاف ينشب بين الأصدقاء، لكن الخطأ خطئي. كان الكابتن ديني - وهو رجل شريف ويتمتع بإنسانية عميقة - يظن أنني كنت مخطئا حين استقلت من مهنتي من دون أن أمتهن مهنة موثوقة أخرى، ومن دون أن يكون لدي منزل تستقر فيه زوجتي. وإضافة إلى ذلك كان يظن أن خطتي في ترك السيدة ويكهام في منزل بيمبرلي لتقضي ليلتها هناك، وتحضر الحفل في اليوم التالي كانت تتسم بالاستهتار، وأن الأمر لم يكن ليروق للسيدة دارسي. وأظن أن نفاد صبره نتيجة تصرفاتي هو ما جعل صحبتي له لا تطاق، وأن ذلك هو السبب الذي جعله يوقف العربة ويهرع إلى داخل الغابة. وقد ذهبت في إثره لكي أحثه على الرجوع . كانت الليلة عاصفة والغابة تقع في أماكن لا يمكن المرور عبرها، وقد تنطوي على الخطورة. ولا أنكر أنني نطقت بالكلمات التي نسبت إلي، لكنني كنت أقصد أن مسئولية موت صديقي تقع على عاتقي؛ لأن اختلافنا هو ما دفعه إلى الدخول إلى الغابة. وكنت قد شربت الكثير من الخمر، لكنني أتذكر بكل وضوح الاشمئزاز الذي شعرت به حين وجدته ورأيت وجهه المخضب بالدماء - وذلك من بين الكثير من الأشياء التي لا يمكنني أن أتذكرها. كانت عينه تؤكد ما كنت أعرفه بالفعل، وهو أنه كان قد مات. كنت حينها في حالة من الصدمة والرعب والذعر والأسف، وكأنني كنت غائبا عني وأتصرف بطريقة آلية، لكنني لم أكن منخرطا في تلك الحالة كثيرا لدرجة تمنعني من معرفة الفعل الذي يمكنني الإتيان به من أجل إدراك قاتله والقبض عليه. فأخذت مسدسه وأطلقت عدة أعيرة باتجاه ما ظننت أنه كان شخصا يحاول الهروب، ورحت أتبعه مسافة أعمق داخل الغابة. وفي تلك الأثناء كان تأثير الشراب الذي تناولته قد بدأ يظهر، ولا أتذكر شيئا بعد ذلك حتى كنت جاثيا بجوار جثة صديقي وأمسك برأسه. وحينها وصلت إلينا مجموعة الإنقاذ.
أيها السادة أعضاء هيئة المحلفين، إن الدعوى المرفوعة ضدي لن تصمد. لو كنت قد ضربت صديقي على جبهته، وبخبث أكبر، على مؤخر رأسه، فأين هي الأسلحة؟ فبعد بحث شامل ومكثف، لم يقدم أي من الأسلحة في المحكمة. وإن كان هناك ادعاء بأني تبعت صديقي بنية قتله، فكيف لي أن أتغلب على رجل أطول وأقوى مني ومسلح بسلاح ناري؟ ولماذا سأفعل ذلك؟ لم يقدم دافع واحد لهذا القتل. وحقيقة عدم وجود أي أثر لشخص غريب يختبئ في الغابة لا يمكن أن تعني عدم وجوده من الأساس؛ فما كان الرجل لينتظر في مسرح الجريمة. ولا يسعني سوى أن أقسم - وأذكر أنني الآن تحت القسم - إنني لست مشاركا بأي شكل في جريمة قتل الكابتن مارتن ديني، وأنا مستعد للمحاكمة بكل ثقة.»
ساد الصمت برهة، ثم همس ألفيستون إلى دارسي قائلا: «لم يكن حديثه جيدا.»
فقال دارسي بنبرة خفيضة: «كيف ذلك؟ أعتقد أنه قال ما يكفي. فقد أوضح الحجج الأساسية وأبرزها، ولم يقدم أي دليل على وجود شجار حاد بينهما، وكذلك عدم وجود سلاح للجريمة، واللامنطقية في اتباعه لصديقه بنية قتله، وغياب الدافع. فما الخطب فيما قال؟» «من الصعب شرح ذلك، لكني استمعت إلى الكثير من خطابات المدعى عليهم، وأخشى أن هذا لن يفلح. وعلى الرغم من الحرص البادي في بنية خطابه، فإنه يفتقر إلى ذلك العنصر الحيوي الذي يتأتى من الحرص على تأكيد براءته. فبطريقة إلقائه خطابه، وافتقاره إلى الشغف ودقته في كلامه؛ ربما يكون قد أقر بأنه غير مذنب، لكنه لا يشعر بأنه بريء. وهذا شيء تستشعره هيئة المحلفين، ولا تسألني كيف لهم ذلك. ربما يكون غير مذنب في جريمة القتل هذه، لكنه يحمل عبء الذنب.» «وهكذا نحن جميعا؛ أليس الشعور بالذنب جزءا من كوننا بشرا؟ لا شك أن هيئة المحلفين تشعر الآن بشك له أساس منطقي. هذا الخطاب يعد كافيا بالنسبة إلي.»
فقال ألفيستون: «آمل أن يكون كافيا لهيئة المحلفين، لكنني لست متفائلا.» «لكن لو كان مخمورا؟» «لا شك أنه قال إنه كان مخمورا وقت وقوع الجريمة، لكنه لم يكن مخمورا بالشكل الذي يتطلب ركوبه العربة عند الحانة بمساعدة أحد. ولم يعقب على هذا السؤال أثناء سماع الشهادات، لكن في رأيي أن حالة السكر التي كان فيها في ذلك الوقت موضع للتساؤل.»
حاول دارسي أثناء الخطاب أن يركز على ويكهام، لكنه الآن لم يستطع مقاومة النظر إلى السيدة يونج. ولم يكن هناك احتمال أن تتلاقى أعينهما. فقد كان نظرها مثبتا على ويكهام، وفي بعض الأحيان كان يراها وهي تحرك شفتيها وكأنها تستمع إلى سرد لشيء كتبته هي بنفسها، أو ربما كانت تصلي في سرها. وحين نظر إلى منصة الشهود مرة أخرى كان ويكهام يحدق أمامه؛ والتفت حين بدأ سيادة القاضي موبرلي مخاطبة هيئة المحلفين.
الفصل التاسع
لم يبد سيادة القاضي موبرلي أي ملاحظات، والآن كان قد انحنى إلى الأمام قليلا تجاه هيئة المحلفين، وكأن الأمر لم يكن يعني بقية الموجودين في المحكمة، وكان الصوت الجميل الذي جذب دارسي في البداية واضحا الآن بما يكفي ليسمعه كل الحاضرين. وعرج القاضي على الشهادات والأدلة بإيجاز ولكن بعناية، وكأن الوقت لم يكن له أهمية. وانتهى حديثه بكلمات شعر دارسي أنها تضفي مصداقية لجهة الدفاع، وارتفعت روحه المعنوية. «أيها السادة أعضاء هيئة المحلفين، لقد استمعتم بكثير من الصبر وباهتمام بالغ على ما يبدو إلى الشهادات التي أدلي بها في هذه الجلسة الطويلة، والآن حان الوقت لكي تدرسوها وتقدموا حكمكم. كان المتهم فيما مضى جنديا ولديه سجل يشهد بما يتمتع به من بسالة واضحة، وعلى ذلك حصل على وسام، لكن لا ينبغي لهذا أن يؤثر في قراركم، الذي ينبغي له أن يكون مبنيا على الشهادات والأدلة التي قدمت لكم. والمسئولية الملقاة على عاتقكم ثقيلة لكنني واثق من أنكم ستنفذون واجبكم من دون خوف أو محاباة بما يتفق مع القانون.
Página desconocida