La muerte visita Pemberley
الموت يزور بيمبرلي
Géneros
وبدا لإليزابيث أن تلك الكلمات تنطوي على معنى أعمق من مجرد زيارة قبر يرقد فيه كلب.
قالت جورجيانا: «أرغب في هذا كثيرا. فلم أزر القبر منذ كنت في الحادية عشرة من عمري. أريد أن أرى إن كان هناك شيء قد تغير، لكن لا يمكنني أن أعتقد أن هناك ما تغير بالفعل. وأنا أعرف الطريق؛ فهو ليس ببعيد عن الممر، ومن ثم فلن نتأخر على الرجوع إلى العربة.»
وانطلقوا معا، فكانت جورجيانا ترشدهم إلى الطريق وألفيستون يسير أمامهم قليلا، ومعه جواده بومباي ليمنع عنهم نبات القراص، ويبعد عن طريقهم فروع الأشجار التي تعترض سبيلهم. وكانت جورجيانا تحمل باقة صغيرة من الأزهار التي قطفها ألفيستون من أجلها. وكان مذهلا ما بثته مجموعة الأزهار الصغيرة تلك من إشراق وما أثارته من ذكريات في يوم خريفي مشمس كهذا. كان ألفيستون قد وجد باقة من زهر الخريف الأبيض على جذع خشن وبعض أزهار التوت بلون أحمر أنيق، لكنها لم تكن جاهزة بعد للسقوط، وورقة شجر أو اثنتين معرقتين باللون الذهبي. ولم ينبس أحدهم ببنت شفة. أما إليزابيث التي كان عقلها مشوشا كثيرا بالفعل بمجموعة من الأفكار المسببة للقلق، فكانت تتساءل في نفسها إن كان من الحكمة القيام بهذه الرحلة الصغيرة، من دون أن تعرف كيف يمكن لتلك الرحلة أن تكون غير مستحسنة بأي شكل. فقد كان اليوم من الأيام التي يبدو فيها أي حدث خارج عن المألوف واقعا بين براثن الخوف والأخطار المحتملة.
حينها بدأت إليزابيث تدرك أن الممر قد وطئته الأقدام حديثا. ففي بعض أجزائه كانت الفروع والأغصان تبدو وكأنها مفصولة بعضها عن بعض، وعند بقعة معينة حيث كانت الأرض منحدرة قليلا والأوراق لا تزال لينة رأت إليزابيث علامات تدل على أنها قد حملت أقداما ثقيلة. وتساءلت إن كان ألفيستون قد لاحظ ذلك، لكنه لم يقل شيئا، وفي غضون دقائق قليلة، تحررت المجموعة من الشجيرات المتشابكة، ووجدوا أنفسهم في فرجة صغيرة محاطة بأشجار الزان. وفي منتصف الفرجة كان هناك شاهد قبر من الجرانيت ارتفاعه نحو قدمين وقمته منحنية بعض الشيء. ولم يكن القبر بارزا عن الأرض وبدا شاهده - الذي كان يلمع الآن تحت أشعة الشمس - وكأنه ضارب بجذوره في الأرض. ووقفوا يقرءون الكلمات المحفورة في صمت. «سولدجر. مخلص حتى موته. مات هنا مع سيده، في الثالث من نوفمبر 1735.»
ومن دون أن تتحدث، تقدمت جورجيانا من القبر لتضع أزهارها تحت شاهد القبر. وبينما كانوا واقفين لدقيقة يتأملونه، قالت جورجيانا: «مسكين جدي الأكبر. أتمنى لو أنني كنت أعرفه. لم يتحدث عنه أحد قط، حتى أولئك الذين يتذكرونه. كان هو الشخص الفاشل في العائلة، ذلك الفرد من عائلة دارسي الذي ألحق العار باسمه؛ لأنه قدم سعادته الشخصية على المسئوليات العامة. لكنني لن أزور القبر مرة أخرى. ففي النهاية، لا يرقد جسده هنا؛ إنما كان ذلك تصورا طفوليا مني أنه قد يعرف بطريقة ما أنني أهتم لأمره. آمل أنه كان سعيدا في عزلته. فقد تمكن من الهرب على الأقل.»
فكرت إليزابيث في نفسها، «مم يهرب؟» والآن كانت إليزابيث تتوق للعودة إلى العربة. فقالت: «أعتقد أن الوقت قد حان لنعود إلى المنزل. سيعود السيد دارسي عما قريب من السجن وسيقلق كثيرا إن فكر أننا لا نزال في الغابة.»
ثم توجهوا عبر الممر الضيق الذي تتناثر الأوراق على أرضه وانعطفوا إلى الطريق الذي ستنتظرهم فيه العربة. ورغم أنهم كانوا في الغابة مدة تقل عن الساعة، إلا أن شمس الظهيرة الساطعة كانت قد أفلت، وشعرت إليزابيث - التي لا تحب أبدا أن تسير في الأماكن الضيقة - أن الشجيرات والأشجار كأنها ثقل يضغط عليها. وكانت رائحة المرض لا تزال في أنفها، وقلبها مرهق من البؤس والتعاسة التي تعيشها السيدة بيدويل ومن فقدان الأمل تماما تجاه ويل. وحين وصلوا إلى الممر الرئيسي ساروا معا حيث كان اتساعه يسمح لهم بذلك ، وحين كان الممر ضيقا أكثر، كان ألفيستون يتقدمهم ويسير مع جواده بومباي بمقدار بضعة أقدام أمامهم، وكان ينظر إلى الأرض ثم ينظر يمنة ويسرة وكأنه يبحث عن أدلة. وكانت إليزابيث تدرك أنه يفضل أن يتأبط ذراع جورجيانا، لكنه لم يكن ليترك أي واحدة منهما تسير وحيدة. وكانت جورجيانا أيضا صامتة؛ ربما لأنها كانت تشعر أيضا بشعور الخوف والتهديد نفسه.
وفجأة توقف ألفيستون وتوجه بسرعة نحو شجرة بلوط. كان من الواضح أن شيئا ما أثار انتباهه. ولحقت به السيدتان ورأتا على جذع الشجرة الأحرف «ف. د-ي» منحوتة على الجذع بارتفاع أربعة أقدام تقريبا من الأرض.
قالت جورجيانا وهي تنظر حولها: «ألا يوجد نقش مشابه لذلك على شجرة البهشية تلك؟»
وبعد فحص سريع تأكدوا بالفعل من وجود نقش بالأحرف الأولى على جذعين آخرين. فقال ألفيستون: «لا يبدو كالنقش المعتاد للمحبين. فالأحرف الأولى فقط هي ما ينقشه المحبون. وأيا كان من صنع هذا النقش فإنه كان مهتما بألا يكون هناك شك أن تلك الأحرف الأولى تشير إلى فيتزويليام دارسي.»
Página desconocida