Enciclopedia del Antiguo Egipto (Parte 1): Desde la Prehistoria hasta el Fin del Periodo Inasnasi
موسوعة مصر القديمة (الجزء الأول): في عصرما قبل التاريخ إلى نهاية العصرالإهناسي
Géneros
وقد عثر في دشاشة في مقابر لم تمس بعد من الأسرات الأولى على بعض أجسام مفصولة عظامها عن بعضها، ثم لفت فيما بعد في نسيج من الكتان، ومن المحتمل جدا أن هذه العادة قد ورثها أهل الأسرات من قوم ما قبل الأسرات، ولم يعرف تفسيرها حتى الآن.
على أن أغرب عادة وصلت إلينا من عصر ما قبل الأسرات هي كسر ساعد المتوفى، وقد وجدت هذه الظاهرة في النساء والرجال على السواء، ولا شك أن ذلك يرجع إلى اعتقاد ديني لا نعرفه، ولا ندري ماذا تخبئ لنا أرض مصر في جوفها من مثل هذه العادات والمعتقدات، التي لا يمكن أن نصل إلى حلها إلا بنظائرها في العصر التاريخي.
الفن
من الأمور البديهية في حياة الأمم، أن الفرد يهتم أولا بالحصول على حاجاته الضرورية، ثم بعد ذلك يتطلع للكماليات واقتنائها، فلا غرابة إذن إذا كنا نجد إنسان العصر الحجري الحديث منصرفا بكل قواه لإنشاء الصناعات اللازمة لحياته المنزلية، ولم يفكر في التفنن في صنعها، لذلك نجد أن حلي أهل هذا العصر الساذج كانت خالية من كل ذوق فني، ولما دخل في عصر بداية استعمال المعادن، وارتقى في معيشته بعض الشيء، بدأ يتفنن في صنع متاعه وحليه، ولا غرابة في ذلك ما دامت قراه ومدنه التي كانت تزخر بالمعدات، قد أخذت الكماليات تجد محلا بين سكانها، ومن هنا نشأ الفن.
ومن المحتمل جدا أن تكون أول فكرة فنية قد نبتت في الوجه البحري، وظواهر الأمور تشجع على احتمال هذه النظرية، ولكن للأسف تعوزنا هنا المستندات كلية حتى الآن. أما في الوجه القبلي فالأمر على عكس ذلك؛ إذ أظهرت لنا حفائر البداري حليا تدل على بداية ذوق فني أخذ يتحقق على مر الأيام تدريجا؛ إذ عثر هناك على قلائد منظومة في خيوطها حبات من الفيروز، يتخللها على مسافات متساوية قطع كبيرة من العقيق، وحجر اليشب وحجر الحية، وعثر كذلك على أحزمة مؤلفة من عدة خيوط منظومة فيها حبات زرقاء وأخرى خضراء، ووجدت أسورة ذات حجم عظيم من العاج، وأمشاط للشعر محفورة في رقعة كل منها رءوس طيور. أما أدوات الزينة التي وجدت بجوار جثث سراة القوم في مقابرهم، فإنها محفورة في العاج ومعظمها نماذج أوان للعطور وملاعق مستديرة أو مستطيلة الشكل ذات أيد أسطوانية، وتنتهي كل يد برأس حيوان أو ما يشبهه، ورغم سذاجة هذه الأدوات وبساطتها فإنها تدل على ذوق حقيقي.
ولم يفكر المصري في عمل التماثيل إلا لضرورة ملحة، وذلك أنه كان يعتقد في حياة ثانية بعد الموت، فكان يحتاج إلى وضع دمى سحرية معه في القبر، وأولى ما عثرنا عليه منها كان في مقابر البداري، وكانت على شكل تماثيل صغيرة لنساء عاريات، فوجد هناك تمثال صغير من العاج، ودميتان من الطين في قبور فقراء القوم، وهذه الدمى بلا شك خشنة الصنع، وبخاصة أننا وجدنا تمثيل الوجه فيها مختصرا، فالعين ممثلة مستديرة ، أما اليدان والرجلان فإنها صورت ممسوخة مشوهة ليس فيها من الفن شيء، ولكن لوحظ رغم ذلك أن جسم دميتين تدلان على صدق التعبير الفني وعلى المرونة في التصوير، مما لم يفقه أي جسم آخر في خلال عصر بداية استعمال المعادن.
وإذا قارنا الدمى المصنوعة من العاج بالدمى المصنوعة من الطين الصلصال، فإنا نجد أن الثانية تقليد للأولى، وكان يستعملها عامة الشعب، ولا نزاع في أن أول من فكر في صنع هذه الأشياء في ذلك العصر هم سراة القوم وعظماؤهم، ومن ذلك نعلم أن الفن بدأ في الطبقة الراقية، ثم قلدهم عامة الشعب، والواقع أن هذا كان طابع الفن المصري في كل عهوده، حتى اندثر، ولذلك نشاهد أن منتجات الفن لم تكن على وتيرة واحدة متساوية في الصنع والقيمة. على أن ذلك لا يعني أن الدمى التي أنتجها الفن المصري في هذا العهد لم تكن في أصلها مشبعة بالروح الشعبية، بل الأمر على عكس ذلك في بعض الدمى المصنوعة من الطين التي يرجع عهدها إلى زمن سحيق، وقد وجدت أمثلة من هذا النوع في العصر التاريخي، ومع ذلك فإن هذه الدمى التي لا تشف عن روح فنية معينة لا تشغل حيزا في مضمار الفن المصري، اللهم إلا مجرد فكرة، ومن أجل ذلك لا يمكننا أن نعدها من القطع الفنية التي يجدر بنا أن نعيرها اهتماما.
وفي الحق يجب على الذي يريد أن يتناول البحث في الفن المصري، أن يبدأ أولا بفحص الأدوات الكمالية والتحف التي عثر عليها في هذا الوقت؛ إذ هي المظهر الحقيقي الأول للفن المصري، وفي خلال عصر بداية استعمال المعادن كانت المواد التي تصنع منها الأدوات الكمالية وأدوات الزينة منحصرة في العاج والأحجار الصلبة على أن صناعة الأحجار لم تكن بعد منتشرة لصعوبة نحتها، ولذلك كان يقتصر صنعها على الأواني الثمينة جدا، ومنذ ظهرت أخذت تؤثر في صناعة الأواني الفخارية التي كانت شائعة الاستعمال في ذلك العهد، وهذا ينطبق كذلك على الأواني المعدنية، فإنها أثرت على صناعة الأواني الحجرية، بل وعلى الفخار أيضا.
ومما لا شك فيه أن العاج كان في هذا العصر المادة التي تصنع منها القطع الفنية، ثم تدرج بعد ذلك إلى استعمال العظم في صنع الدمى، وقد عثر على دمى نساء عاريات، وأذرعهن ملصوقات على طول الجسم أو موضوعة على الصدر تحت الثديين المتدليين، وقد وجدت دمى للرجال عارية إلا من الكيس الذي كان يستر عضو التذكير، وكذلك عثر على أقزام ممسوخة الشكل وعلى ذكور ملفوفين في عباءاتهم ولهم لحى، ومن المحتمل أن الدمى الأخيرة كانت تمثل آلهة أو ملائكة، والظاهر أنها كانت تستعمل غالبا لزخرفة التعاويذ الكبيرة الحجم التي كانت على شكل قرن.
وقد كشف عن دمى تدل على تقدم فني محسوس وبخاصة صنع العين؛ إذ نجد في النزر اليسير الذي أخطأه التدمير والتلف أن العين بدأت تمثل على شكل اللوزة مما يقرب من الحقيقة، غير أن الجسم الذي كانت توضع فيه كان لا يزال ينقصه مظاهر الذوق الفني؛ إذ كان يصنع على طريقة ثابتة معينة متفق عليها من قبل، لكل الأجسام تقريبا، وذلك مما يظهر لنا الفارق العظيم بينها وبين دمى العاج التي عثر عليها في البداري، وهي التي يلاحظ فيها الإنسان الروح الفنية، وفي هذا العصر أخرجت صناعة العاج أمشاطا عظيمة الحجم للزينة لها أسنان طويلة ومحلاة برسوم بارزة تدل على أشباح غزلان وطيور، أو رأس آدمي له لحية، هذا إلى مشابك للشعر رءوسها مزخرفة بصور كالتي سبق ذكرها، وهذه الأمشاط كانت تستعمل خاصة في عهد ما قبل الأسرات القديم، والظاهر أن صنعها انقطع حوالي تأريخ التتابع 44.
Página desconocida