أنه «خط المصحف». إن كلمة (الداع) كان ينبغي أن تكون «الداعي» بالياء الطويلة ، وهو شيء متطلب صحيح واجب ، واستبعاد هذه الحركة الطويلة يخدم البناء القرآني في جعل هذه الكلمة «الداع» ، بالحركة القصيرة منسجمة مع الحركة التي تليها في «إذا» وهي الكسرة القصيرة.
وليس شيء من الاقتصار على القول ب «رسم المصحف» ، أن تأتي الكلمة «دعان» بالنون متلوة بحركة قصيرة هي الكسرة القصيرة ، وكان حقها الحركة الطويلة فترسم ياء «دعاني». إن ذلك ليخدم هذا البناء البديع فيتهيأ منه ، أن تكون «وقفة» على (دعان)، فيحسن بهذا الوقف النظم والبناء ، ولا يتم هذا الحسن لو كان الوقف على «دعاني» بالياء.
19 قال تعالى : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ) (231).
قال الزمخشري «في الكشاف 1 : 277» :
( ولا تمسكوهن ضرارا ) كان الرجل يطلق المرأة ، ويتركها حتى يقرب انقضاء عدتها ، ثم يراجعها لا عن حاجة ، ولكن ليطول العدة عليها ، فهو الإمساك ضرارا.
أقول : لقد حفلت لغة القرآن بالمصطلح الحضاري العلمي ، ولعل التجربة اللغوية في توفير المصطلح تتمثل بجلاء في العربية القرآنية الشريفة ، التي برهنت أن العربية لغة الفكر في شتى صوره. إن «الإمساك ضرارا» في مسألة الطلاق من الكلم الفني ذي الدلالة الاجتماعية في هذه اللغة العريقة القديمة.
20 قال تعالى : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ) [الآية 232].
روي أن الآية نزلت في معقل بن يسار ، حين عضل أخته أن ترجع إلى الزوج الأول. وقيل : في جابر بن عبد الله ، حين عضل بنت عم له ، والوجه أن يكون خطابا له.
كذا ذكر الزمخشري.
والعضل : الحبس والتضييق. ومنه : عضلت الدجاجة إذا نشب بيضها فلم يخرج ، وأنشد لا بن هرمة :
Página 108