Enciclopedia concisa de la historia islámica
الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي
Géneros
وكان عدوانهم ذلك بدون سبب يدعو إليه لأن المسلمين لم يذهبوا
لمحاربتهم، وإنما جاءوا لتأديب القبائل القاطنة بين «الحجاز»
و «الشام»، التى دأبت على قطع الطريق على المسلمين، ثم ارتكبت
جرما كبيرا حين قتلت «الحارث بن عمير» أحد سفراء النبى - صلى الله
عليه وسلم - الذين حملوا رسائله إلى الملوك والأمراء، فأراد النبى
- صلى الله عليه وسلم - أن يؤدبهم بهذه الغزوة، ليكفوا أذاهم عن
المسلمين، ولكن الروم تدخلوا بجيش كبير - أكثر من مائة ألف - بدون
سبب.
أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرصد تحركات الروم، فلما
وصلت إليه الأخبار بعزمهم على الهجوم عليه؛ أعد جيشا لصده، وكان
عدده ثلاثين ألفا، وهو أكبر جيش قاده النبى - صلى الله عليه وسلم -
وسمى «جيش العسرة»، لأن المسافة كانت بعيدة والجو صيف شديد
الحرارة، والناس يحبون المقام فى مزارعهم وبساتينهم لجنى الثمار،
والاستمتاع بالظل الوارف، ولكن مادامت الدولة الإسلامية ودعوتها
فى خطر، فلابد من التضحية والاستهانة بكل راحة ومتعة، وقد ضحى
أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - تضحيات كبيرة، وأسهموا فى
تجهيز الجيش وإعداده بأموالهم، وبخاصة «عثمان بن عفان» الذى
جهز نحو ثلث الجيش من ماله الخاص.
سار النبى - صلى الله عليه وسلم - حتى وصل إلى «تبوك»، فإذا به
يعلم أن جيش الروم الذى كان يعد يومئذ أقوى جيش فى الدنيا قد فر
مذعورا إلى داخل «الشام»، فعسكر النبى - صلى الله عليه وسلم - فى
«تبوك» ثلاثة أسابيع، رتب خلالها أوضاع المنطقة، وأظهر هيبة
الإسلام وضرب هيبة الروم ضربة قاصمة، جعلت سكان الإمارات
الصغيرة فى المنطقة الخاضعة لسيطرة الروم - كأيلة و «أدرح»
و «الجرساء» - يهرعون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
مذعنين، وقالوا له: ماذا تريد منا؟ فعرض عليهم الإسلام فرفضوا،
وقالوا: غير هذا، قال: «تدفعون الجزية ونؤمنكم على عقائدكم
وأرواحكم وأموالكم»؛ فقبلوا، فأعطاهم بذلك معاهدات، وكان
Página 53