وكانت تجارة العرب تحمل من الأرجاء إلى عكاظ، فمن أراد الميرة ذهب إليها، ومن فقد شيئا التمسه في عكاظ لعله يجده في سلعها.
ومن هذا أن شاس بن زهير العبسي قدم على بعض الملوك فحباه حباء عظيما فرجع به، فبينا هو في الطريق قتله رباح بن الأسك الغنوي وأخذ متاعه، فبقي قومه زمنا لا يهتدون إلى أثره حتى رأوا في عكاظ امرأة رباح تبيع أمتعة مما أخذ زوجها من شاس حين قتله.
3
وأن الحارث بن ظالم لما قتل أخذ سيفه إلى سوق عكاظ ليباع.
4
وفي أخبار ابن الزبعري أن ركبا من عبد القيس مر بأبي سفيان بن حرب يريدون المدينة للميرة، فقال أبو سفيان: هل أنتم مبلغون محمدا رسالة أرسلكم بها إليه، وأحمل لكم إبلكم هذه غدا زبيبا في عكاظ إذا وافيتموها؟
5 (3) الأدب
وكان لعكاظ شأن في الأدب تتفاخر فيه القبائل، فينشد شعراؤها ويخط خطباؤها، ويعرض فيه الشعراء أشعارهم في غير المفاخرة والمنافرة ليذهب الشعر في الناس.
روى صاحب الأغاني وغيره أن النابغة كانت تضرب له قبة من أدم بسوق عكاظ يجتمع إليه فيها الشعراء، فينشدونه ويحتكمون إليه.
ومما روى في هذا أن حسان بن ثابت دخل على النابغة في عكاظ وعنده الأعشى والخنساء، وقد أنشده الأعشى، ثم أنشدته الخنساء، فقال: والله لولا أن أبا بصير أنشدني قبلك لقلت إنك أشعر الناس، أنت أشعر من كل امرأة. قال: ومن كل رجل. قال حسان: أنا أشعر منك ومنها. قال النابغة: حيث تقول ماذا؟ قال: حيث أقول:
Página desconocida