Posición ante la metafísica
موقف من الميتافيزيقا
Géneros
نهر ... إلخ، فأنا في كل حالة من هذه الحالات الأولية أصف شيئا ما بأنه نهر، ثم في النهاية أصف مجموعة ما بأنها أنهار، وإذن فلفظة «أنهار» محمولة على موضوع، وليست في ذاتها موضوعا، وأما في العبارة الأولى «العنقاوات ليست موجودة.» فلفظ «العنقاوات» يتخذ وضع المحمول، لكنه لا يفعل فعله، إذ ليس هناك فرد واحد يحمل عليه.
فإذا جئت تسأل: علام أتحدث حين أقول «العنقاوات ليست موجودة؟» أليس يتحتم أن يكون للعنقاوات «شبه وجود» حتى يتسنى لي الحديث عنها؟ وما دامت العنقاوات لا وجود لها بين الموجودات الفعلية، فلنقل: إنها موجودات وجودا ضمنيا ... إلخ، أقول: إنك إذا جئت تسأل هذا السؤال بعد التحليل الذي أسلفناه، فسيكون جوابنا هو: إنك لا تتحدث حديثا مشروعا، فالأصوات التي نطقت بها هي مجرد أصوات، اتخذت «صورة» الكلام وليست من الكلام في شيء.
ومثل ثالث من المشكلات الميتافيزيقية التي لا تحتمل البقاء تحت أشعة التحليل المنطقي، هذه المشكلة المشهورة التي يثيرها أفلاطون في اجتماع الأضداد في الأشياء الجزئية، مما يخفضها في سلم الوجود، فما دام الشيء الواحد قد يكون كبيرا وصغيرا في آن واحد، أو حارا وباردا في وقت واحد، إذن فهو - عنده - موجود وغير موجود في وقت واحد، وإذن فهو من الأشياء المتغيرة المتعرضة للصيرورة، وليس هو من الحقائق الثابتة الخالدة.
ولنضرب لذلك مثلا هاتين العبارتين الآتيتين: (1)
هذه بطيخة صغيرة. (2)
هذه البطيخة نفسها فاكهة كبيرة (بالقياس إلى البرتقال مثلا)، إذن فالبطيخة - بلغة أفلاطون - صغيرة وكبيرة معا ... إلخ، وإننا في الحق لنعجب عجبا لا ينقضي من أمثال هذه المشكلات يثيرها الفلاسفة من لا شيء! هل يحتاج الأمر هنا إلى إنجاز في التحليل حين نقول: إن العبارة الأولى تنسب البطيخة إلى مجموعة من أفراد غير المجموعة التي تنسبها إليها العبارة الثانية، فلا يكون هنالك تناقض بين أن تكون البطيخة صغيرة بالنسبة إلى أفراد المجموعة الأولى (وهي مجموعة البطيخ) وكبيرة بالنسبة إلى أفراد المجموعة الثانية (وهي مجموعة الأصناف الأخرى من الفاكهة كالبرتقال)؟
يقول بيرتراند رسل في هذه المشكلة الأفلاطونية ما يأتي: «إنني لا أظن أن الاعتراضات المنطقية التي يثيرها أفلاطون ضد وجود الأشياء وجودا حقيقيا، تثبت أمام النقد، فهو يقول مثلا: إن ما هو جميل هو أيضا قبيح من بعض نواحيه، وما هو ضعف هو كذلك نصف ... وهكذا، ولكننا حين نصف أثرا فنيا بأنه جميل من بعض نواحيه قبيح من بعضها الآخر، فإننا نستطيع دائما بواسطة التحليل (على الأقل نظريا) أن نقول: «إن هذا الجزء أو هذه الناحية من الأثر جميلة، بينما ذلك الجزء أو تلك الناحية منه قبيحة.» وأما عن «الضعف» و«النصف» فهذان حدان متضايفان، وليس هنالك تناقض في الحقيقة الواقعة وهي أن 2 ضعف 1 ونصف 4، إن أفلاطون ما ينفك يثير حول نفسه المشكلات من سوء فهمه للحدود المتضايفة، فهو يظن أنه ما دامت أ أكبر من ب وأقل من ج، إذن تكون أ كبيرة وصغيرة في آن معا، وهو الأمر الذي يبدو له متناقضا، وأمثال هذه المشكلات نسلكها في عداد أمراض الطفولة التي أصيبت بها الفلسفة.»
15
4
قدمنا فيما سبق أمثلة للتحليل المنطقي كيف ينتهي باقتلاع المشكلات الميتافيزيقية اقتلاعا من جذورها، وذلك حين تكون المشكلات قائمة على خطأ منطقي في تحليل العبارات وفهمها.
Página desconocida