59

Exhortación a los creyentes de Revivificación de las Ciencias de la Religión

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

Investigador

مأمون بن محيي الدين الجنان

Editorial

دار الكتب العلمية

الْحَلَالِ وَيُفْطِرُ عَلَى لُحُومِ النَّاسِ بِالْغِيبَةِ وَهُوَ حَرَامٌ»، وَقِيلَ: «هُوَ الَّذِي لَا يَحْفَظُ جَوَارِحَهُ عَنِ الْآثَامِ» .
الْخَامِسُ: أَنْ لَا يَسْتَكْثِرَ مِنَ الطَّعَامِ الْحَلَالِ وَقْتَ الْإِفْطَارِ بِحَيْثُ يَمْتَلِئُ، فَمَا مِنْ وِعَاءٍ أَبْغَضُ إِلَى اللَّهِ ﷿ مِنْ بَطْنٍ مُلِئَ مِنْ حَلَالٍ، وَكَيْفَ يُسْتَفَادُ مِنَ الصَّوْمِ قَهْرُ عَدُوِّ اللَّهِ وَكَسْرُ الشَّهْوَةِ إِذَا تَدَارَكَ الصَّائِمُ عِنْدَ فِطْرِهِ مَا فَاتَهُ ضَحْوَةَ نَهَارِهِ، وَرُبَّمَا يَزِيدُ عَلَيْهِ فِي أَلْوَانِ الطَّعَامِ، حَتَّى اسْتَمَرَّتِ الْعَادَاتُ أَنْ يُدَّخَرَ جَمِيعُ الْأَطْعِمَةِ لِرَمَضَانَ فَيُؤْكَلَ مِنَ الطَّعَامِ فِيهِ مَا لَا يُؤْكَلُ فِي عِدَّةِ أَشْهُرٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَقْصُودَ الصَّوْمِ الْخَوَاءُ وَكَسْرُ الْهَوَى لِتَقْوَى النَّفْسُ عَلَى التَّقْوَى، وَإِذَا دُفِعَتِ الْمَعِدَةُ مِنْ ضَحْوَةِ نَهَارٍ إِلَى الْعِشَاءِ حَتَّى هَاجَتْ شَهْوَتُهَا وَقَوِيَتْ رَغْبَتُهَا ثُمَّ أُطْعِمَتْ مِنَ اللَّذَّاتِ وَأُشْبِعَتْ زَادَتْ لَذَّتُهَا، وَتَضَاعَفَتْ قُوَّتُهَا، وَانْبَعَثَ مِنَ الشَّهَوَاتِ مَا عَسَاهَا كَانَتْ رَاكِدَةً لَوْ تُرِكَتْ عَلَى عَادَتِهَا، فَرُوحُ الصَّوْمِ وَسِرُّهُ تَضْعِيفُ الْقُوَى الَّتِي هِيَ وَسَائِلُ الشَّيْطَانِ فِي الْعَوْدِ إِلَى الشُّرُورِ، وَلَنْ يَحْصُلَ ذَلِكَ إِلَّا بِالتَّقْلِيلِ، وَمَنْ جَعَلَ بَيْنَ قَلْبِهِ وَبَيْنَ صَدْرِهِ مِخْلَاةً مِنَ الطَّعَامِ فَهُوَ عَنِ الْمَلَكُوتِ مَحْجُوبٌ.
السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ قَلْبُهُ بَعْدَ الْإِفْطَارِ مُضْطَرِبًا بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ إِذْ لَيْسَ يَدْرِي أَيُقْبَلُ صَوْمُهُ فَهُوَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، أَوْ يُرَدُّ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنَ الْمَمْقُوتِينَ، وَلْيَكُنْ كَذَلِكَ فِي آخِرِ كُلِّ عِبَادَةٍ يَفْرَغُ مِنْهَا.
التَّطَوُّعُ بِالصِّيَامِ:
اعْلَمْ أَنَّ اسْتِحْبَابَ الصَّوْمِ يَتَأَكَّدُ فِي الْأَيَّامِ الْفَاضِلَةِ، وَفَوَاضِلُ الْأَيَّامِ بَعْضُهَا يُوجَدُ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَبَعْضُهَا يُوجَدُ فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَبَعْضُهَا فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ.
أَمَّا السَّنَةُ فَبَعْدَ أَيَّامِ رَمَضَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ عَاشُورَاءَ وَالْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَكَانَ ﷺ يُكْثِرُ صَوْمَ شَعْبَانَ. وَفِي الْخَبَرِ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ» لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ السَّنَةِ فَبِنَاؤُهَا عَلَى الْخَيْرِ أَحَبُّ وَأَرْجَى لِدَوَامِ بَرَكَتِهِ. وَفِي الْخَبَرِ: «إِذَا كَانَ النِّصْفُ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا صَوْمَ حَتَّى رَمَضَانَ» وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْطِرَ قَبْلَ رَمَضَانَ أَيَّامًا، فَإِنْ وَصَلَ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ فَجَائِزٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَ اسْتِقْبَالَ رَمَضَانَ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ وِرْدًا لَهُ. وَكَرِهَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ أَنْ يُصَامَ رَجَبٌ كُلُّهُ حَتَّى لَا يُضَاهَى بِشَهْرِ رَمَضَانَ.
وَأَمَّا مَا يَتَكَرَّرُ فِي الشَّهْرِ فَأَوَّلُ الشَّهْرِ وَأَوْسَطُهُ وَآخِرُهُ، وَوَسَطُهُ الْأَيَّامُ الْبِيضُ وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ.

1 / 62