Exhortación a los creyentes de Revivificación de las Ciencias de la Religión

Ibn Muhammad Jamal Din Qasimi d. 1332 AH
47

Exhortación a los creyentes de Revivificación de las Ciencias de la Religión

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

Investigador

مأمون بن محيي الدين الجنان

Editorial

دار الكتب العلمية

زَكَاةَ مَالِهِ مِنَ التَّمَكُّنِ عَصَى وَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ بِتَلَفِ مَالِهِ، وَتَمَكُّنُهُ بِمُصَادَفَةِ الْمُسْتَحِقِّ، وَتَعْجِيلُ الزَّكَاةِ جَائِزٌ. الثَّانِي: أَنْ لَا يَنْقُلَ الصَّدَقَةَ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ فَإِنَّ أَعْيُنَ الْمَسَاكِينِ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ تَمْتَدُّ إِلَى أَمْوَالِهَا، وَفِي النَّقْلِ تَخْيِيبٌ لِلظُّنُونِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ فِي قَوْلٍ، وَلَكِنَّ الْخُرُوجَ عَنْ شُبْهَةِ الْخِلَافِ أَوْلَى، فَلْيُخْرِجْ زَكَاةَ كُلِّ مَالٍ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ، ثُمَّ لَا بَأْسَ أَنْ يَصْرِفَ إِلَى الْغُرَبَاءِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ. الثَّالِثُ: أَيْ يُقَسِّمُ مَالَهُ بِعَدَدِ الْمَوْجُودِينَ مِنَ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ فِي بَلَدِهِ، وَيُوجَدُ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ: (الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ وَالْغَارِمُونَ وَالْمُسَافِرُونَ) أَعْنِي أَبْنَاءَ السَّبِيلِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ آحَادِ الصِّنْفِ. سِرُّ كَوْنِ الزَّكَاةِ مِنْ مَبَانِي الْإِسْلَامِ: فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ مَعَانٍ: الْمَعْنَى الْأَوَّلُ: أَنَّ التَّلَفُّظَ بِكَلِمَتَيِ الشَّهَادَةِ الْتِزَامٌ لِلتَّوْحِيدِ وَشَهَادَةٌ بِإِفْرَادِ الْمَعْبُودِ، وَشَرْطُ تَمَامِ الْوَفَاءِ بِهِ أَنْ لَا يُبْقَى لِلْمُوَحِّدِ مَحْبُوبٌ سِوَى الْوَاحِدِ الْفَرْدِ، فَإِنَّ الْمَحَبَّةَ لَا تَقْبَلُ الشَّرِكَةَ، وَالتَّوْحِيدُ بِاللِّسَانِ قَلِيلُ الْجَدْوَى، وَإِنَّمَا يُمْتَحَنُ بِهِ دَرَجَةُ الْحُبِّ بِمُفَارَقَةِ الْمَحْبُوبِ، وَالْأَمْوَالُ مَحْبُوبَةٌ عِنْدَ الْخَلَائِقِ لِأَنَّهَا آلَةٌ تُمَتِّعُهُمْ بِالدُّنْيَا، بِسَبَبِهَا يَأْنَسُونَ بِهَذَا الْعَالَمِ وَيَنْفَرِدُونَ عَنِ الْمَوْتِ مَعَ أَنَّ فِيهِ لِقَاءَ الْمَحْبُوبِ، فَامْتُحِنُوا بِتَصْدِيقِ دَعْوَاهُمْ فِي الْمَحْبُوبِ وَاسْتَنْزَلُوا عَنِ الْمَالِ الَّذِي هُوَ مَرْمُوقُهُمْ وَمَعْشُوقُهُمْ، وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) [التَّوْبَةِ: ١١١] وَذَلِكَ بِالْجِهَادِ وَهُوَ مُسَامَحَةٌ بِالْمُهْجَةِ شَوْقًا إِلَى لِقَاءِ اللَّهِ ﷿، وَالْمُسَامَحَةُ بِالْمَالِ أَهْوَنُ، وَلَمَّا فُهِمَ هَذَا الْمَعْنَى فِي بَذْلِ الْأَمْوَالِ انْقَسَمَ النَّاسُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ صَدَقُوا التَّوْحِيدَ وَنَزَلُوا عَنْ جَمِيعِ أَمْوَالِهِمْ فَلَمْ يَدَّخِرُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا كَمَا جَاءَ " أبو بكر " ﵁ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِجَمِيعِ أَمْوَالِهِ. وَقِسْمٌ دُونَ هَؤُلَاءِ وَهُمُ الْمُمْسِكُونَ أَمْوَالَهُمُ الْمُرَاقِبُونَ لِمَوَاقِيتِ الْحَاجَاتِ وَمَوَاسِمِ الْخَيْرَاتِ ; فَيَكُونُ قَصْدُهُمْ فِي الِادِّخَارِ الْإِنْفَاقَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ دُونَ التَّنَعُّمِ، وَصَرْفَ الْفَاضِلِ عَنِ الْحَاجَةِ إِلَى وُجُوهِ الْبِرِّ مَهْمَا ظَهَرَ وُجُوهُهَا، وَهَؤُلَاءِ لَا يَقْتَصِرُونَ عَلَى مِقْدَارِ الزَّكَاةِ. وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ إِلَى أَنَّ فِي الْمَالِ حُقُوقًا سِوَى الزَّكَاةِ " كالنخعي وَالشَّعْبِيِّ وعطاء ومجاهد. قَالَ: " الشَّعْبِيُّ " بَعْدَ

1 / 50