Exhortación a los creyentes de Revivificación de las Ciencias de la Religión
موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين
Investigador
مأمون بن محيي الدين الجنان
Editorial
دار الكتب العلمية
كِتَابُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ
فَضِيلَةُ الْحَلَالِ وَمَذَمَّةُ الْحَرَامِ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) [الْمُؤْمِنُونَ: ٥١] أَمَرَ بِالْأَكْلِ مِنَ الطَّيِّبَاتِ قَبْلَ الْعَمَلِ، وَقِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَلَالُ، وَقَالَ تَعَالَى: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) [الْبَقَرَةِ: ١٨٨] وَقَالَ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) [النِّسَاءِ: ١٠] وَقَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [الْبَقَرَةِ: ٢٧٨] ثُمَّ قَالَ: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) [الْبَقَرَةِ: ٢٧٩] ثُمَّ قَالَ: (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ) [الْبَقَرَةِ: ٢٧٩] . ثُمَّ قَالَ: (وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [الْبَقَرَةِ: ٢٧٥٨] جَعَلَ أَكْلَ الرِّبَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مُؤْذِنًا بِمُحَارَبَةِ اللَّهِ وَفِي آخِرِهِ مُتَعَرِّضًا لِلنَّارِ، وَالْآيَاتُ الْوَارِدَةُ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ لَا تُحْصَى.
وَرَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «طَلَبُ الْحَلَالِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» .
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِهِ ﷺ: طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ الْمُرَادُ بِهِ: طَلَبُ عِلْمِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَجَعَلَ الْمُرَادَ بِالْحَدِيثَيْنِ وَاحِدًا.
وَلَمَّا ذَكَرَ ﷺ الْحَرِيصَ عَلَى الدُّنْيَا قَالَ: رُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ مُشَرَّدٍ فِي الْأَسْفَارِ مَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ وَقَالَ ﷺ: كُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرَامٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ.
وَأَمَّا الْآثَارُ: فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ «الصِّدِّيقَ» ﵁ شَرِبَ لَبَنًا مِنْ كَسْبِ عَبْدِهِ، ثُمَّ سَأَلَ عَبْدَهُ فَقَالَ: تَكَهَّنْتُ لِقَوْمٍ فَأَعْطَوْنِي، فَأَدْخَلَ أَصَابِعَهُ فِي فِيهِ وَجَعَلَ يَقِيءُ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ نَفْسَهُ سَتَخْرُجُ ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا حَمَلَتِ الْعُرُوقُ وَخَالَطَ الْأَمْعَاءَ» .
وَكَذَلِكَ شَرِبَ «عمر» ﵁ مِنْ لَبَنِ إِبِلِ الصَّدَقَةِ غَلَطًا فَأَدْخَلَ أَصَابِعَهُ وَتَقَيَّأَ، وَقَالَ «سهل التستري»: «لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ أَرْبَعُ خِصَالٍ: أَدَاءُ الْفَرَائِضِ بِالسُّنَّةِ، وَأَكْلُ الْحَلَالِ بِالْوَرَعِ، وَاجْتِنَابُ النَّهْيِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَالصَّبْرُ عَلَى ذَلِكَ إِلَى
1 / 119