Exhortación a los creyentes de Revivificación de las Ciencias de la Religión

Ibn Muhammad Jamal Din Qasimi d. 1332 AH
112

Exhortación a los creyentes de Revivificación de las Ciencias de la Religión

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

Investigador

مأمون بن محيي الدين الجنان

Editorial

دار الكتب العلمية

صَدَقَا وَنَصَحَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِذَا كَتَمَا وَكَذَبَا نُزِعَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا وَفِي الْحَدِيثِ: يَدُ اللَّهِ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَتَخَاوَنَا فَإِذَا تَخَاوَنَا رَفَعَ يَدَهُ عَنْهُمَا فَإِذًا لَا يَزِيدُ مَالٌ مِنْ خِيَانَةٍ كَمَا لَا يَنْقُصُ مِنْ صَدَقَةٍ. وَالْمَعْنَى الثَّانِي: الَّذِي لَا بُدَّ مِنِ اعْتِقَادِهِ لِيَتِمَّ لَهُ النُّصْحُ وَيَتَيَسَّرَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ رِبْحَ الْآخِرَةِ وَغِنَاهَا خَيْرٌ مِنْ رِبْحِ الدُّنْيَا، وَأَنَّ فَوَائِدَ أَمْوَالِ الدُّنْيَا تَنْقَضِي بِانْقِضَاءِ الْعُمْرِ وَتَبْقَى مَظَالِمُهَا وَأَوْزَارُهَا، فَكَيْفَ يَسْتَخِيرُ الْعَاقِلُ أَنْ يَسْتَبْدِلَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ؟ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي سَلَامَةِ الدِّينِ، وَفِي الْحَدِيثِ: مَا آمَنَ بِالْقُرْآنِ مَنِ اسْتَحَلَّ مَحَارِمَهُ. وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ قَادِحَةٌ فِي إِيمَانِهِ وَأَنَّ إِيمَانَهُ رَأْسُ مَالِهِ فِي تِجَارَتِهِ فِي الْآخِرَةِ لَمْ يُضَيِّعْ رَأْسَ مَالِهِ الْمُعَدَّ لِعُمْرٍ لَا آخِرَ لَهُ بِسَبَبِ رِبْحٍ يَنْتَفِعُ بِهِ أَيَّامًا مَعْدُودَةً. وَعَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَنَّهُ قَالَ: " لَوْ دَخَلْتُ الْجَامِعَ وَهُوَ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ وَقِيلَ لِي: مَنْ خَيْرُ هَؤُلَاءِ وَمَنْ شَرُّهُمْ لَقُلْتُ: خَيْرُهُمْ أَنْصَحُهُمْ لَهُمْ وَشَرُّهُمْ أَغَشُّهُمْ لَهُمْ ". وَالْغِشُّ حَرَامٌ فِي الْبُيُوعِ وَالصَّنَائِعِ جَمِيعًا. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَهَاوَنَ الصَّانِعُ بِعَمَلِهِ عَلَى وَجْهٍ لَوْ عَامَلَهُ بِهِ غَيْرُهُ لَمَا ارْتَضَاهُ لِنَفْسِهِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُحْسِنَ الصَّنْعَةَ وَيُحْكِمَهَا ثُمَّ يُبَيِّنَ عَيْبَهَا إِنْ كَانَ فِيهَا عَيْبٌ فَبِذَلِكَ يَتَخَلَّصُ. وَسَأَلَ رَجُلٌ حذاء ابن سالم فَقَالَ: " كَيْفَ لِي أَنْ أَسْلَمَ فِي بَيْعِ النِّعَالِ "؟ فَقَالَ: " اجْعَلِ الْوَجْهَيْنِ سَوَاءً، وَلَا تُفَضِّلِ الْيُمْنَى عَلَى الْأُخْرَى، وَجَوِّدِ الْحَشْوَ، وَلْيَكُنْ شَيْئًا وَاحِدًا تَامًّا، وَقَارِبْ بَيْنَ الْخُرُزِ، وَلَا تُطْبِقْ إِحْدَى النَّعْلَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى ". وَمِنْ ذَلِكَ مَا سُئِلَ عَنْهُ: " أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ " ﵀ مِنَ الرَّفْوِ بِحَيْثُ لَا يَتَبَيَّنُ قَالَ: " لَا يَجُوزُ لِمَنْ يَبِيعُهُ أَنْ يُخْفِيَهُ، وَإِنَّمَا يَحِلُّ لِلرَّفَّاءِ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُظْهِرُهُ أَوْ أَنَّهُ لَا يُرِيدُهَا لِلْبَيْعِ ". فَإِنْ قُلْتَ فَلَا تَتِمُّ الْمُعَامَلَةُ مَهْمَا وَجَبَ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَذْكُرَ عُيُوبَ الْمَبِيعِ، فَأَقُولُ: لَيْسَ كَذَلِكَ إِذْ شَرْطُ التَّاجِرِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ لِلْبَيْعِ إِلَّا الْجِيِّدَ الَّذِي يَرْتَضِيهِ لِنَفْسِهِ لَوْ أَمْسَكَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَلْبِيسٍ، فَمَنْ تَعَوَّدَ هَذَا لَمْ يَشْتَرِ الْمَعِيبَ، فَإِنْ وَقَعَ فِي يَدِهِ مَعِيبٌ نَادِرًا فَلْيَذْكُرْهُ وَلْيَقْنَعْ بِقِيمَتِهِ. بَاعَ " ابْنُ سِيرِينَ " شَاةً فَقَالَ لِلْمُشْتَرِي: " أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ عَيْبٍ فِيهَا أَنَّهَا تَقْلِبُ الْعَلَفَ بِرِجْلِهَا " فَهَكَذَا كَانَتْ سِيرَةُ أَهْلِ الدِّينِ. الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكْتُمَ فِي الْمِعْيَارِ وَذَلِكَ بِتَعْدِيلِ الْمِيزَانِ وَالِاحْتِيَاطِ فِيهِ وَفِي الْكَيْلِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكِيلَ كَمَا يَكْتَالُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) [الْمُطَفِّفِينَ: ١ - ٣] . وَلَا يَخْلَصُ مِنْ هَذَا إِلَّا بِأَنْ يُرَجِّحَ إِذَا أَعْطَى وَيَنْقُصَ إِذَا أَخَذَ، إِذِ الْعَدْلُ الْحَقِيقِيُّ قَلَّمَا يُتَصَوَّرُ، فَلْيُسْتَظْهَرْ بِظُهُورِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، فَإِنَّ مَنِ اسْتَقْصَى حَقَّهُ بِكَمَالِهِ يُوشِكُ أَنْ يَتَعَدَّاهُ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: " لَا أَشْتَرِي الْوَيْلَ مِنَ اللَّهِ بِحَبَّةٍ ". وَكُلُّ مَنْ خَلَطَ بِالطَّعَامِ تُرَابًا أَوْ غَيْرَهُ ثُمَّ كَالَهُ فَهُوَ مِنَ الْمُطَفِّفِينَ فِي الْوَزْنِ، وَقِسْ عَلَى

1 / 115