93

Mawarid al-Dhaman li-Durus al-Zaman

موارد الظمآن لدروس الزمان

Número de edición

الثلاثون

Año de publicación

١٤٢٤ هـ

Géneros

لَمْ يَتِمَّ لَهُمَا ذَلِكَ إِلا بِدَفْعِ مَا يُضَادُّهُ مِنَ الحَقِّ وَلاسِيَّمَا إَذَا قَامَتْ لَهُ شُبْهَةٌ فَتَتَّفِقُ الشُّبْهَةُ وَالشَّهْوَةُ وَيثُورُ الهَوَى فَيَخْفَى الصَّوَابُ وَيَنْطَمِسُ وَجْهُ الحَقِّ، وَإِذَا كَانِ ظَاهرًا لا خَفَاءَ بِهِ وَلا شُبْهَةَ فِيهِ أَقْدَمَ عَلَى مُخُالَفَتِهِ وقال لِي: مَخْرَجٌ بِالتَّوْبَةِ وَفي هَؤلاءِ وَأَشْبَاهِهِمْ قال تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ . فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ أَخَذُوا العَرَضَ الأَدْنَى مَعَ عِلْمِهِمْ بِتَحْرِيمِهِ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ عَرَضَ لَهُمْ عَرَضٌ آخَرُ أَخَذُوهُ فَهُمْ مُصِّرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ الحَامِلُ لَهُمْ عَلى أَنْ يَقُولُوا عَلى اللهِ غَيْرَ الحَقِّ فَيَقُولُونَ هَذَا حُكْمُهُ وَشَرْعُهُ وَدِينُهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ دِينَهُ وَشَرْعَهُ وَحُكْمَهُ يُخَالِفُ ذَلِكَ أَوْ لا يَعْلَمُوا أَنَّ ذَلِكَ دِينُه وَشَرْعُه وَحُكْمُه فَتَارَةً يَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لا يَعْلَمُونَ وَتَارَةً يَقُولُونَ عَلَيْهِ مَا يَعْلَمُونَ بُطْلانَهُ. قَالَ وَهَؤُلاءِ لا بُدَّ أَنْ يَبْتَدِعُوا في الدِّينِ مَعَ الفُجُورِ في العَمَلِ فَيَجْتَمِعُ لَهُمْ الأَمْرَانِ فَإِنَّ إتِّبَاعْ الهَوَى يُعْمِي عَيْنَ القَلْبِ فَلا يُمِيزِ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالبِدْعَةِ أَوْ يُنَكِسُهُ فَيَرَى البِدْعَةَ سُنَّةً وَالسُّنَّةَ بِدْعَةً فَهَذِهِ آفَةُ العُلَمَاءِ إِذَا آثَرُوا الدُّنْيَا وَاتَّبَعُوا الرِيَّاسَاتِ وَالشَّهَوَاتِ وَهَذِهِ الآيَاتِ فِيهِمْ إَلَى قوله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث﴾ . فَهَذَا مَثَلُ عَالِمِ السُّوءِ الذي يَعْمَلُ بِخَلافِ عِلْمِهِ. وَخِتَامًا فَإِنَّ العَاقِلَ اللَّبِيبِ يِتَأَسَّفُ عَلِى إِهْمَالِ كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ

1 / 92