163

Mawarid al-Dhaman li-Durus al-Zaman

موارد الظمآن لدروس الزمان

Número de edición

الثلاثون

Año de publicación

١٤٢٤ هـ

Géneros

يُحَاوِلُ نَيْلُ الْمَجْدِ والسَّيف مُغْمَدٌ ... وَيَأمَل إِدْرَاكُ العُلَى وَهُوَ نَائِمُ
آخر:
إِذَا كُنْتَ تَهْوَى أَنْ تَعِيشَ بِذِلَّةٍ ... فَلا تَسْتَعِدّنَّ الْحُسَامَ الْيَمَانِيَا
ولا تَسْتَطِيلَنَّ الرِّمَاحَ لِغَارِةٍ ... وَلا تَسْتَجِيدَنَّ الْعِتَاقَ الْمَذَاكِيَا
فصِيانةُ النفسِ أصْلُ الفضائِلِ لأنَّ مَنْ أَهْمَلَ نَفْسَهُ ثِقَةٌ بِما مَنَحَهُ اللهُ مِنْ فَضيلةِ عِلْمِهِ وَتَوَكّلًا على ما يلزَمُ الناسَ مِنْ صِيانَتِهِ سَلَبُوهُ فضيلةَ عِلمِهِ وَوَسَمُوهُ بقبيحِ تَبَذُّلِهِ فلم يَفِ ما أُعْطِي مِنَ العِلْمَ بما سَلَبَهُ منُه التبذّل لأنّ القبيحَ أشْيَعُ منَ الْجَمِيلِ والرذيلةُ مَشْهُورَةٌ تُنقَلُ وتُذَاع بسُرْعَةٍ لِمَا في طِباعِ الناس مِن الحسدِ والبُغْضِ والحِقدِ ونِزاعِ المنافَسَةِ فَتَنْصَرِفُ عُيونُهُمْ عن المحاسِنِ إلى المَسَاوِي فلا يُنْصِفُونَ مُحْسِنًا ولا يجاملون ولا يُسامحونَ مُسيئًا يَذكُرون المَسَاوِي كُلَّها غالِبًا لاسِيَّما إذا كان المَرْموقُ عالمًا فإنّ زَلّتَهُ عِندَهُم لا تُقَالَ وَهَفْوَتَهُ لا تُعْذَرُ لأنَّ العيْبَ الصغيرَ يَعْظُمُ في حَقِّ أَهْلِ المُرْوَآت والعَيْبَ في الجاهلِ المغمورِ مَغْمورٌ ولهذا يَنْبَغِي للعالِمِ أنْ يُحْسِنَ أخلاقَهُ وَخَلُقَهُ لِيُقْتَدَى بِهِ وَيَسْلَمَ عِرضُهُ مِن الطعنِ والاعتراضاتِ.
قَالَ بعض العلماء:
أَيُّهَا الْعَالِمُ إِيَّاكَ إيَّاكَ الزَّلَلْ ... وَاحْذَرْ الْهَفْوَةَ والْخَطْبَ الْجَلَلْ
هَفْوَةُ العَالِم مُسْتَعْظَمَةْ ... إِذْ بِهَا أَصْبَحَ في الْخَلْقِ مَثَلْ
وَعَلَى زَلَّتِهِ عُمْدَتُهُمْ ... فَبِهَا يَحْتَجُّ مَنْ أَخْطَأ وزَلْ
لا تَقُلْ يَسْترْ عَليَّ الْعِلْمُ زَلَّتِي ... بَلْ بِها يَحْصُل في العِلْمَ الخلَلْ
إِنْ تَكُنْ عِنْدَكَ مُسْتَحْقَرَةْ ... فَهِيَ عِنْدَ اللهِ والنَّاسِ جَبَلْ
لَيْسَ مَنْ يَتْبَعُهُ الْعَالمُ في ... كُلِّ مَا دَقَّ مِن الأَمْرِ وَجَلْ
مِثْلُ مَنْ يَدْفعُ عَنْهُ جَهْلُهُ ... إِنْ أَتَى فَاحِشَةً قِيلَ قَدْ جَهِلْ
انْظُرِ الأَنْجُمَ مَهْمَا سَقَطَتْ ... مَنْ رَآهَا وَهِي تَهْوي لَمْ يُبَلْ

1 / 162