ويقرنون هذه النبوءة بنبوءة أخرى من الإصحاح الخامس في سفر أشعيا يقول فيها: «ويرفع راية للأمم من بعيد، ويصفر لهم من أقصى الأرض فإذا هم بالعجلة يأتون ... ليس فيهم رازح ولا عاثر، ولا ينعسون ولا ينامون، ولا تنحل حزم أحقائهم، ولا تنقطع سيور أحذيتهم، سهامهم مسنونة، وجميع قسيهم ممدودة، حوافر خيلهم كأنها الصوان، وبكراتهم كالزوبعة ...»
وهذه النبوءة عن رسول يأتي من غير أرض فلسطين لم تصدق على أحد غير رسول الإسلام.
وتلحق بهذه النبوءة نبوءة أخرى من الإصحاح الثامن في سفر أشعيا، جاء فيها أن الرب أنذره ألا يسلك في طريق هذا الشعب قائلا: «لا تقولوا فتنة لكل ما يقول له هذا الشعب فتنة، ولا تخافوا خوفه ولا ترهبوا. قدسوا رب الجنود فهو خوفكم وهو رهبتكم، ويكون مقدسا، وحجر صدمة وصخرة عثرة لبيتي إسرائيل، وفخا وشركا لسكان أورشليم، فيعثر بها كثيرون، ويسقطون فينكسرون، ويعلقون فيلقطون ... صر الشهادة. أختم الشريعة بتلاميذي؛ فاصطبر للرب الساتر وجهه عن بيت يعقوب وانتظره.»
فهذه النبوءة عن الرسول الذي يختم الشريعة تصدق على نبي الإسلام ولا تصدق على رسول جاء قبله ولا بعده.
وتلحق بهذه النبوءة أيضا نبوءة من الإصحاح التاسع عشر في سفر أشعيا، يذكر فيها إيمان مصر بالرسول المنتظر «وفي ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر، وعمود الرب عند تخمها، فيكون علامة وشهادة لرب الجنود في أرض مصر؛ لأنهم يصرخون إلى الرب بسبب المضايقين، فيرسل لهم مخلصا ومحاميا وينقذهم، فيعرف الرب في مصر، ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم، فيقدمون ذبيحة وتقدمة، وينذرون للرب نذرا ويوفون به، ويضرب الرب مصر ضاربا فشافيا، فيرجعون إلى الرب، فيستجيب لهم ويشفيهم.
في ذلك اليوم تكون سكة مصر إلى آشور، فيجيء الآشوريون إلى مصر والمصريون إلى آشور، ويعبد المصريون مع الآشوريين، في ذلك اليوم يكون إسرائيل ثلثا لمصر ولآشور بركة في الأرض، بها يبارك رب الجنود قائلا: مبارك شعبي مصر، وعمل يدي آشور، وميراثي إسرائيل.»
فالذي حدث من قدوم أهل العراق إلى مصر وذهاب أهل مصر إلى العراق إنما حدث في ظل الدعوة الإسلامية، ولم تتوحد العبادة بينهم قبل تلك الدعوة ، وأن النبوءة ستتم غدا على غير ما يهواه بنو إسرائيل؛ إذ تكون البركة لمصر وأشور، ولا تكون إسرائيل إلا لاحقة بكلتا الأمتين. •••
ثم ينتقلون بالنبوءات إلى سفر دانيال حيث جاء في الإصحاح الثاني: «أنت أيها الملك، كنت تنظر وإذا بتمثال عظيم، هذا التمثال العظيم البهي جدا وقف قبالتك ومنظره هائل. رأس هذا التمثال من ذهب جيد، وصدره وذراعاه من فضة، وبطنه وفخذه من نحاس، وساقاه من حديد، وقدماه بعضها من حديد والبعض من خزف، كنت تنتظر إلى أن قطع حجر بغير يدين، فضرب التمثال على قدميه اللتين من حديد وخزف فسحقهما، فانسحق حينئذ الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معا، وصارت كعصافة البيدر في الصيف فحملتها الريح، فلم يوجد لها مكان. أما الحجر الذي ضرب التمثال فصار جبلا كبيرا، وملأ الأرض كلها.»
ويلي ذلك تفسير النبي دانيال لهذا الحلم إذ يقول: «أنت أيها الملك ملك ملوك؛ لأن إله السماوات أعطاك مملكة واقتدارا، وسلطانا وفخرا، وحيثما يسكن بنو البشر ووحوش البر وطيور السماء دفعها ليدك، وسلطك عليها جميعها، فأنت هذا الرأس من ذهب، وبعدك تقوم مملكة أخرى أصغر منك، ومملكة ثالثة أخرى من نحاس، فتتسلط على كل الأرض، وتكون مملكة رابعة صلبة كالحديد يدق ويسحق كل شيء، وكالحديد الذي يكسر تسحق وتكسر كل هؤلاء.
وبما رأيت القدمين والأصابع بعضها من خزف والبعض من حديد، فالمملكة تكون منقسمة، وتكون فيها قوة كالحديد من حيث إنك رأيت الحديد مختلطا بخزف الطين، وأصابع القدمين بعضها من حديد وبعضها من خزف، فبعض المملكة يكون قويا، والبعض قصما، وبما رأيت الحديد مختلطا بخزف الطين، فإنهم يختلطون بنسل الناس، ولكن لا يتلاصق هذا بذاك، كما أن الحديد لا يختلط بالخرف. وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السماوات مملكة لن تنقرض أبدا، وملكها لا يترك لشعب آخر، وتسحق وتفنى كل هذه الممالك، وهي تثبت إلى الأبد؛ لأنك رأيت أنه قد قطع حجر من جبل لا بيدين، فسحق الحديد والنحاس والخزف والفضة والذهب ... الله العظيم قد عرف الملك ما سيأتي بعد هذا. الحلم حق، وتعبيره يقين ...»
Página desconocida