السيد الحافظ إمام المحققين، صارم الدين إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن علي بن المرتضى الوزيري، الإمام الكبير، الحافظ الشهير، ترجم له تراجمة أعلام، كولده الهادي بن إبراهيم، والعلامة السيد أحمد بن عبد الله وغيرهما، وقد عولت على نقلهما، فنقلت منه شطرا قال السيد الهادي - رحمه الله تعالى -: قرأ بمدينة صنعاء وصعدة على عدة من المشائخ في الأصولين والعربية والفروع الفقهية والأخبار النبوية والسير والتفاسير وجميع الفنون في سائر العلوم، فمن شيوخه السيد الإمام المبرز [جمال الدين](1) علي بن محمد بن المرتضى من أولاد المرتضى بن مفضل جد الإمام المهدي أحمد بن يحيى، ومنهم الفقيه العلامة المحقق أحد الأعلام فخر الدين مطهر بن كثير بن(2) الجمل، ومنهم الإمام فخر الإسلام ملحق الأصاغر بالأكابر عبد الله بن يحيى بن المهدي الحسيني، ومنهم الإمام المتوكل على الله المطهر بن محمد بن سليمان(3)، ومنهم القاضي العلامة جمال الدين خاتمة العلماء المحققين علي بن موسى الدواري، قرأ عليه بصنعاء وصعدة في الأصولين جميعا والعربية، ومنهم والده - رحمة الله عليه - قرأ عليه (شرح الجمل) وبعض كتب الحديث بسندها إلى جده السيد عز الدين محمد بن إبراهيم، ومنهم العزولي(4) الواصل إلى صنعاء من الديار المصرية، وقرأ عليه (جمع الجوامع) و(نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر)، ومنهم الشيخ العلامة بقية العلماء الكبراء المحققين المكثرين إسماعيل بن أحمد بن عطية، وقرأ عليه في التفسير والأصول وفي الفرائض وأخبار الناس وعلم الأنساب، وكان الشيخ في ذلك منفردا لا يشق غباره، ومنهم ولد أخي الشيخ إسماعيل، وهو أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن عطية، وقرأ عليه في الكلام أيضا، وكثير من الكبراء والفضلاء وأهل الأسنان، وبارك الله تعالى فيما حصله فانتفع به، ونفع على يده عدة من الطلبة والمسترشدين، وصنف تصانيف مفيدة في أصول الفقه وغيره، وصارت كتبه السماعية والنظرية أمهات معتمدة له فيها عناية تامة، عضدت تلك العناية عناية سماوية ، وجمع من الفوائد، وقيد من الشوارد ما غاب عن أذهان الأذكياء، وذهل عنه كثير من الحفاظ، وله أبحاث واعتراضات صحيحة على كثير من الأئمة المصنفين، واستدراكات في أوهام صادرة عنهم، قد وضعها وبينها وقيدها بالكتابة في مواضعها من الكتب، وله اطلاع كامل على أخبار المتقدمين والمتأخرين من أهل البيت وغيرهم، وفي علم رجال الحديث وغيرهم، والأنساب العامة والخاصة وأحوال الناس وأيامهم والمصنفين، وأسماء الكتب وأخبار التواريخ، وله مشائخ وطرق في علم الأسماء وعلم الصنعة وإجازات في ذلك، وفي سائر ما ذكرنا من العلوم من جميع أولئك المشائخ الذين سمع منهم(1)، ومن غيرهم من علماء ذلك العصر في الجهات، ومن مشائخه الفقيه العلامة شمس الدين أحمد بن سلميان العسكبة /42/، والقاضي صارم الدين إبراهيم بن يحيى الشامي(2)، والفقيه الفاضل محمد بن سليمان الحجي، والقاضي العالم يحيى بن قاسم العذري، والقاضي العلامة محمد بن سليمان النحوي في المنطق، وله في الفروع موضوع جيد هو على (الأزهار)(3) بمنزلة (المستدرك على الصحيحين)(1)، وله أيضا موضوع في المعاني هو على (التلخيص)(2) بهذه المثابة، وله في الحروف العربية كتاب حسن(3)، وله في الفصاحة اليد الطولى وله أشعار جيدة(4)، لكنها في الغالب ماهي إلا في جمع الفوائد وتقييد الشوارد وسير الأئمة، منها القصيدة المسماه (بجواهر الأخبار) المعروفة (بالبسامة الجامعة لأخبار من قام من أهل البيت بالإمامة والاحتساب) وهي قصيدة فائقة رائقة جامعة نافعة شرحها بعض الفضلاء من الشيعة بصعدة بجزأين(5) وهي تحتمل أكبر من ذلك، وله في الخط وضعة حسنه قوية كخط والده في القوة، إلا أن خط والده أبهى وأجمل، وخطه أبقاه الله أجلى وأوفق بقلم النسخ، والخط الحسن يزيد الحق وضوحا، وأما السحر الحلال والعذب الزلال فهو ما يسقط من قلم شيخ أهل البيت المطهرين أبي عبد الله - رحمه الله تعالى - لكن ولده أربى على الأوائل بكثرة الاطلاع وملازمة الدرس آناء الليل وأطراف النهار، وإمرار ذهنه على أكثر كتب المتقدمين والمتأخرين وقلمه على جميع ما وجده من فائدة فيها، وكان ذلك بداع لم يعارضه صارف ولا مانع، وإعراض عن جميع أشغال الدنيا وملاذها، مع ما أمده الله لذلك من إعانته، فله الحمد على ذلك كثيرا، والله يزيده من خيراته، ويفيض عليه من فواضل بركاته، وينفع به وبصالح دعواته. انتهى كلام السيد الهادي ابن إبراهيم في والده - رحمهما الله تعالى - نقلته بألفاظه.
قال السيد الجليل أحمد بن عبد الله - رحمهم الله - ما لفظه: وأقول إنى للإنسان لسان يفصح عن بعض فضائل هذا الإمام، أو قلم ينسج غلالة أوصافه الحميدة، كلا إنها لتكل الألسنة والأقلام، أربى على نحارير علماء الأوائل، وحقق دقائق الفنون تحقيقا يقال للمتطاول إليه: أين الثريا من يد المتناول؟ وجمع أسباب المحامد والفضائل جمعا لا يدخل تحت رجاء الراجي ولا أمل الآمل، ومصنفاته شاهدة بصدق المقال، وضبط كتبه في جميع غرائب الفنون فضلا عن مأنوساتها، ينادي على سعة تبحره في هذا المجال، قيد أوابد(1) الفوائد بقلمه في الهوامش والمتون، وحل مشكلات الأمهات بنتائج فكرته الصافية في جميع الفنون، إعجامه إعراب، ورموزه كافلة بحل المشكلات الصعاب، فمن كتبه صححت الكتب من بعده، ومن نتائج فكرته نقلت الحواشي التي جرى بها قلم تصرفه ونقده، ومن مصابيح عنايته أنارت أرجاء المدارس وورى زنده، وفي أثره سلك الناس وواضح قصده، فهم عيال عليه، ومقتبسون منه، وراجعون إليه، هذا مع دين متين، وورع شحيح، وخلق سجيح، وبرارة نبوءة، وتأله ولاية /43/ وعبادة علوية وزهادة هدوية، لا تراه أبدا إلا قارئا أو مقرئا، أو كاتبا أو مصليا.
إلى الثمانين انتهى سنينه ... قد كاد يبلغها تماما أو قد
Página 82