يدعو الإله بذلة وتملق ... وإليه مما قد جنى يتنصل
فغدا يقوم من الحفيرة آمنا ... يعلو النحيب ووجهه يتهلل(1)
إن كان جاهي أخلقته خطيئتي ... فبجاه أحمد راغبا أتوسل
يدنيك منا عن قريب عاجل ... والله يستر أمرنا ويجمل
واعلم يا أخي أن ذكر الله منك من علامة ذكره لك فاستكثر منه، وأن اكتسابك الطاعة من علامة التوفيق فاستكثر منها، ووقوعك في الغفلة وكسب الذنوب علامة الخذلان فاجتنبها، والزهد في الدنيا مما يريح قلبك وبدنك فاطلبه، والتوكل على الله شرف الدنيا والآخرة فالزمه، والموت آت غير فائت فالزم ذكره(2)، والدنيا حانوت الشيطان فاخرج منها، والناس فتنة فالزم الخلوة(3)، ويا ليتك يا يحيى تأخذ معنا مما أنعم الله علينا من برد اليقين وقرار الدعة ولذة العيش وصفوة النعم من البارئ - جل وعز - ثم ساق - رحمه الله - في الكتاب بعد هذا كلاما نافعا. ومن شعره - قدس الله روحه - وأعاد من بركاته من (4) المناجاة:
ببابك عبد واقف متضرع ... مقل فقير سائل متطلع
حزين كئيب من جلالك مطرق ... ذليل عليل قلبه متقطع
أنا الضارع المسكين ممدودة يدي ... إليك فمالي في سوائك مطمع
أعني أعني(5) من علاك بنظرة ... إلي فقلبي مستهام مفجع
فؤادي محزون ونومي مشرد ... ودمعي مسفوح وقلبي مروع
فلا تبلني بالبعد منك فإنه ... أشد بلاء الخائفين وأوجع
Página 43