الخامس والعشرون: إن هذه المقالة لا مدخل لها في المسائل التي سئل عنها فيما يعاقب به الجاني من المخرج المسمى الخطايا، فإنه لا ثلث فيها ولاثلثين.
نسبة المقالة السابقة إلى المهدي بن تومرت والجواب عنه:
قال المفتي المذكور: وكذلك حفظ من كلام المهدي إمام الموحدين وقاعدتهم، وكان قام بالمعروف والنهي عن المنكر، وعمل بذلك في بعض أمور وقضاياه على ما ذكره المؤرخون، ظهر له بالاجتهاد(¬1).
أقول : هذا مردود من أوجه:
الأول: أن الأحكام الشرعية، ولاسيما في مثل هذه المسائل المعضلة، لاتبنى على كلام المؤرخين، لما علم من استرسالهم وتساهلهم في تلقي أخبار الدول وعدم الوثوق بأكثرهم. والإمام المهدي غير معدود في المنفردين بالمذاهب، فإن كان على مذهب أبي حنيفة والشافعي، فهذا لايصح عنه والقول عندهم به من أشنع شنيع، وإن كان على مذهب مالك فقد تقدم أن مالكا لم يقل به، وانما قال بضده على ما سبق من الأوجه المذكورة قبل هذا، وأن أئمة المذهب ينكرون عنه ذلك، فلم يوجد في مسائله دليل عليه. وما نسب المؤرخون إلى الإمام المهدي هو الذي أشرنا إليه حتى نطق هذا المفتى به في مقام تحليل ما علم تحريمه من أكل المال بالباطل، وأراد أن يبني عليه إباحة الخطايا، لأنه من كلام العامة، إذ لا يصح هذا عن الإمام بعدما علم من قيامه بالعدل، وصح والحمد لله أنه كلام لم ينزل في كتاب الله، ولا جاء به رسول عن الله، ولم يقله أحد من علماء الملة. وما نقل عن مالك في ذلك فباطل حسبما صرح به أصحاب مالك، وما دلت عليه مسائله إلى ما دل على بطلانه من كتاب الله تعالى.
Página 155