لو أنهم تركوه يبقى سالمًا ... ملأ البلاد أرذالًا من نسله
وقال بعضهم واصاب:
إن عاينت عيناك ظبيًا سانحًا ... مع خادم يرعاه وهو شرود
فاقنصه لطفًا بالزمام ولا تخف ... منه نفورًا فالزمام يقود
نادرة: قيل أن بعض أولاد الملوك كان يعشق خادمًا يسمى دينارًا وكان من أوحش ما يبكون فاتفق أن أجري عند ذكر مغن جميل، فقال بلغني أن فلسه أسود، فقال له بعض الحاضرين والله يا مولانا فلسه خير من دينارك فأخجله.
ناردة قيل أن بعض الرؤساء كان له خادم وعبد فدخل يومًا وجد العبد فوق الخادم فضربه وخرج فرأى بعض أصدقائه فسأله عن عيظه، فقال هذا العبد النجس فعل بالخويدم الصغير فقال له مولانا السيد الكبير فخجل منه وأخرجها من مجانه.
وما أظرف من قال مواليًا:
ستي الكبيرة لها الخدام والحشمة ... تحلف على النيك بالمصحف وبالختمة
... جاها الطواشي أفحشت لو نال من كلمة ... راحت يمين القواقية على قرمة وقال ابن إبراهيم المعمار:
وإن من الخدام من ليس يرتجى ... مكارمه فالبعد منهم غنائم
فلا تك ممن يتهمهم لحشمة ... فليس لهم بين الرجال محاشم
أهدى بعض عمال مروان بن محمد الجعدي الأموي لمروان عبدًا أسود فقال لكاتبه عبد الحميد اكتب إلى هذا العامل كتابًا مختصرًا وذمه على ما فعل، فكتب إليه لو وجدت لونًا أشر من السواد وعدد أقل من الواحد لأهديته والسلام.
ومن أحسن ما ورد في ذم السواد لا يحرم فيه محرم ولا يكفن فيه ولا تجلى فيه عروس.
وما أظرف قول الشيخ جمال الدين بن نباتة:
كان لي عبد يسمى فرجا ... نصب الغير عليه الشبكا
فأنا الآن كما تبصرني ... ليس عندي فرج إلا البكا
القول في الدهليز بكسر الدار فارسي معرب، والجمع الدهاليز وهو بين الباب والدار وأحسن ما فيه:
ودهليز دار فيه للعين بهجة ... وللنفس فيه لذاذة أوطار
إذا داخل لم يعتبر ما وراءه ... توهمه من حسنه أنه الدار
وقال يحيى بن خالد ينبغي للإنسان أن يتأنق في دهليزه لأنه وجه الدار ومنزل الضيف وجلس الصديق حتى يؤذن له وموضع المعلم ومقيل الخدام ومنتهى حد المستأذن.
وقال بعضهم: إذا كمل للإنسان في داره حسن ثلاثة مواضع لم يبال بما فاته وذكر من جملتها الدهليز.
وللشيخ برهان الدين القيراطي فيه:
أكرم بدهليز سما ... فإذا الكواكب من رفاقه
دهليز مولى سعده ... ما زال يخدم في وطاقه
قلت: من كان له عبد واسمع سعد ففي غاية الحسن.
وقال الشيخ شهاب الدين ابن أبي حجلة بيتين وفيهما ما فيهما:
دار ببدرا الدين أشرق نورها ... فبياضها من نوره مجبول
دهليزها حلو البنا يبدو لنا ... طعمية في بابه ودخول
الباب السابع
في البركة والفوارة والدواليب وما فيهن من كلام وجيز
البركة هي الموضوع المبني لاجتماع الماء ويسمى أيضًا الصهريج بكسر الصاد وهو اسم مشتق من الصهروح الذي تبنى به، والصهروج الكاس نفسه يقال: بركة مصهرجة إذا كانت مبنية بالصهروج، وقال الجوهري البركة كالحوض والجمع برك ويقال سميت بذلك لإقامة الماء فيها.
حكى الأدييب أبو الربيع سليمان بن إسماعيل بن أبي الليث المسيحي قال جمعنا مجلس أنس مع الأديب أبي إسحاق إبراهيم بن أبي الثناء المسيحي بالفيوم وكنا في بستان فيه بركة عليه فوارة من الماء فتجاذبنا أهداب وصفها فقال أبو إسحاق:
بركة يصعد الأنابيب منها ... يقعد الماء فوقها ويقوم
فلدا أطلعت فواقع تبدوا ... كالقوارير من زجاج تعوم
وكأن السماء صفحتها الزر ... قاء والياسمين فيها نجوم
قال وقلت أنا:
وبركة تذهل العقول لها ... تحار في حسن وصفها الفكر
كأنها مقلة محدقة ... عبرا من الوجد نالها السهر
تبكي وما فارقت لها وطنًا ... يومًا ولا فات أهلها وطر
تخال أنبوبها لصحته ... والماء يعلو به وينحدر
كصولجان فضة سبكت ... فواقع الماء تحتها أكر
قال الشيخ صفي الدين الحلبي (وتوفي سنة خمسين وسبعمائة):
والريح تجري رخاء فوق بحرتها ... وماؤها مطلق في زي مأسور
1 / 14