ومنهم الشيخ الأوحد، والأصيل الأمجد، ذو البيت الذي طارت مناقب نزاهته كل مطار، وانتظمت أسلاك أصالته في أجيادِ الأسطار، وسَرَتْ نسمات فضيلته سرى نسمات باسمات الأزهار، وهمت سحاب سماحته كالغيث المدرار، فسما في سماء المجد علمًا راسخ القواعد، مشار إليه من كل غائب وشاهد، حينًا للصلة وآونة للعابد، تصطفيه الرُّتب العلية السَّنية، وتتنافس فيه الخطط الشرعيّة السُّنِّية، فطورًا مقدمًا في أندية الأمراء والأعيان، وتارة صدرًا في قُضاة العدل والإحسان، القضائي الكمال التَّادفيّ قاضي حَلَب ثم مَكَّة. كان صحبني من حَلَب إلى البلاد الرُّوميّة، فأسفر عن أعذب أخلاق، وأكرم أعراق، وأحسن طوية، وأنشدني من نظمه قصيدة تائيّة، ومقامه أكبر من الشعر، وأعلى في القيمة وأغلى في السعر.
ومنهم الشيخ النبيل، والفاضل الأصيل، فخر النبلاء، وأوحد الفضلاء، القليل الأنظار والأشباه، قاضي أزنكميد محيي الدِّين محمد ابن قاضيها لطف الله، حضر
لدينا ببلده للسلام، ثم أرسل هدية من الدجاج والفاكهة والأغنام. وبعث إلينا ألغازًا فقهيّة وغيرها رآها في كتاب عنده ولم يدر ما هي فحللناها له وأجبناه عنها.
ومنهم الشاب النيّر، الديّن الخيّر، الصَّالح الذكي، الفاضل الزكي، اللطيف الذات والطِبَاع، المباين بحسن الأخلاق أهل تلك البقاع، عين الأزلام والأصحاب (الحاج مصلح الدِّين لطفي بن الحاج) محمد الأزنكميديّ الشهير بابن القَصَّاب من أعْيَان بلدة أزنكميد وكبارها وموسريها ورؤسائها وتجارها، أقمنا عنده