140

Las aspiraciones de los más sensatos en la explicación del objetivo final

مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى

Editorial

المكتب الإسلامي

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤١٥هـ - ١٩٩٤م

أَوْ قَلِيلًا، وَهُوَ غَرِيزَةٌ كَالنُّورِ يُقْذَفُ فِي الْقَلْبِ فَيَسْتَعِدُّ لِإِدْرَاكِ الْأَشْيَاءِ فَيَعْلَمُ وُجُوبَ الْوَاجِبَاتِ، وَجَوَازَ الْجَائِزَاتِ، وَاسْتِحَالَةَ الْمُسْتَحِيلَاتِ، وَيَتَلَمَّحُ بِهِ عَوَاقِبَ الْأُمُورِ، وَذَلِكَ النُّورُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ. (أَوْ تَغْطِيَتُهُ) - أَيْ: الْعَقْلِ - (بِإِغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ)، أَوْ دَوَاءٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ.
قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": إجْمَاعًا عَلَى كُلِّ الْأَحْوَالِ، لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَشْعُرُونَ بِحَالٍ (حَتَّى بِنَوْمٍ)، وَهُوَ غَشْيَةٌ ثَقِيلَةُ تَقَعُ عَلَى الْقَلْبِ تَمْنَعُ الْمَعْرِفَةَ بِالْأَشْيَاءِ، لِحَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا «الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. وَعَنْ مُعَاوِيَةَ يَرْفَعُهُ «الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ فَإِذَا نَامَتْ الْعَيْنَانِ اُسْتُطْلِقَ الْوِكَاءُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ. وَالسَّهُ: حَلْقَةُ الدُّبُرِ. وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الْحَدِيثَيْنِ، فَقَالَ: حَدِيثُ عَلِيٍّ أَثْبَتُ وَأَقْوَى.
وَفِي إيجَابِ الْوُضُوءِ بِالنَّوْمِ تَنْبِيهٌ عَلَى وُجُوبِهِ بِمَا هُوَ آكَدُ مِنْهُ كَالْجُنُونِ وَالسُّكْرِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ مَظِنَّةُ الْحَدَثِ، فَأُقِيمَ مَقَامَهُ.
قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ: (وَلَوْ تَلَجَّمَ) عَلَى الْمَخْرَجِ (فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ) إلْحَاقًا بِالْغَالِبِ، (إلَّا نَوْمَ النَّبِيِّ ﷺ مُطْلَقًا)، أَيْ: كَثِيرًا كَانَ أَوْ يَسِيرًا، لِأَنَّ نَوْمَهُ كَانَ يَقَعُ عَلَى عَيْنَيْهِ دُونَ قَلْبِهِ كَمَا صَحَّ عَنْهُ، وَقِيَاسُهُ كُلُّ نَبِيٍّ، (وَ) إلَّا (نَوْمًا يَسِيرًا عُرْفًا مِنْ غَيْرِهِ مِنْ جَالِسٍ)، لِحَدِيثِ أَنَسٍ " كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلِأَنَّهُ يَكْثُرُ وُقُوعُهُ مِنْ مُنْتَظِرِي الصَّلَاةِ فَعُفِيَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ، (وَ) إلَّا يَسِيرًا عُرْفًا مِنْ قَائِمٍ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «فِي قِصَّةِ تَهَجُّدِهِ ﷺ فَجَعَلْتُ إذَا أَغْفَيْتُ يَأْخُذُ بِشَحْمَةِ أُذُنِي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْجَالِسَ فِي التَّحَفُّظِ، وَاجْتِمَاعِ الْمَخْرَجِ، وَرُبَّمَا كَانَ الْقَائِمُ أَبْعَدَ مِنْ الْحَدَثِ لِكَوْنِهِ لَوْ اشْتَغَلَ فِي النَّوْمِ سَقَطَ، (فَلَا اعْتِبَارَ بِالرُّؤْيَا) .
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ":

1 / 142