Las demandas del solicitante en las virtudes de la familia del Profeta
مطالب السؤول في مناقب آل الرسول
Géneros
أبلى بلاءه المذكور في النزال ولا صدرت منه هذه الأفعال إلا عن شجاعة تذل لها الابطال وتقل لديها الأهوال، ولا تقوم بوصفها الاقوام والأقوال ولا يحتاج في تحقيقها أن يثبتها الاستدلال وعلى الجملة والتفصيل فمقام شجاعته لا ينال وما ذا بعد الحق إلا الضلال.
ولما أسفر صبح ليلة الهرير عن ضيائه وحسر الليل جنح ظلمائه كانت القتلى من الفريقين ستة وثلاثين ألف قتيل، هكذا نقله مصنف فتوح الشام ومؤرخ الوقائع التي نقلتها ألسنة الاقلام فهي في الرواية منسوبة إليه والعهدة فيها عند تتبعها عليه، وهذه الوقائع المذكورة مع أهوالها الصعاب وصيالها المصلى لدى الطعان والضراب هي بالنسبة إلى وقائع صفين كالقطرة من السحاب والشذرة من السخاب.
ومنها قتال الخوارج الذين قاموا على سوق مخالفة الملة الإسلامية، وشاموا بروق جهلهم من مطالع الجاهلية طلبا للحمية واتفقوا على اتباع أهواء نفوسهم الأمارة وقلوبهم العمية ومرقوا بذلك من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فسدد إليهم علي ((عليه السلام)) سهام الانتقام بأيدي نظراته الإمامية وجرد لهم صوارم الاصطلام بمرهفات عزائمه الهاشمية، وحصد رءوسهم وأخمد نفوسهم بشبا شفار شنشنته الأخزمية، ولا يظهر حقيقة ما ابتدعوه من حالهم وما اتبعوه من استباحتهم واستحلالهم إلا بتفصيل أقوالهم وأعمالهم، وما اعتمدوه في تعليل انفصالهم عن الطاعة وجدالهم.
وها أنا الآن اشرح قصتهم مختصرة واختصرها مشروحة بحيث يعقلها من تلاها، ويستوي في معرفتها من سمعها ومن أملاها وهو أن عليا ((عليه السلام)) لما عاد من صفين إلى الكوفة بعد الذي جرى من أمر الحكمين أقام ينتظر انقضاء المدة التي كانت بينه وبين معاوية ليرجع إلى المقاتلة والمحاربة، إذ تحركت طائفة من خواص أصحابه في أربعة آلاف فارس وهم العباد والنساك فخرجوا من الكوفة وخالفوا على
Página 166