على أن قتل المعتقد لمثل هذا لا بد منه، ولو توقفنا في تسميته. قال القاضي عياض: "وما رواه عن عمر بن عبد العزيز وجده وعمه من قولهم في القدرية: يستتابون، فإن تابوا، وإلا قتلوا١" وقال عيسى عن أبي القسم في أهل الأهواء من الأباضية٢ والقدرية وشبههم ممن خالف الجماعة من أهل البدع والتحريف لتأويل كتاب الله تعالى: يستتابون أيضا أظهروا ذلك أو أسروه، فإن تابوا وإلا قتلوا، وميراثهم لورثتهم. وقال مثله ابن القسم في كتاب محمد في أهل القدر.. وقد انتهى بنا المقال الدال على كفر من اعتقد ما قاله من الضلال، وهذا حين الشروع في سوق كلامه الموضح لفساد طويته، وقبح مرامه.
_________
= الصوفية من المشرق والمغرب كانوا يفدون إلى مصر، فتكسوهم الأوهام طيالس الدهاقين، وتصنع لهم التهاويل صور القديسين، كالبخاري والشاذلي والبدوي وغيرهم فلم كانوا يفدون إلى مصر بالذات، ولم كانوا يجدون حتى يستذلوا القلوب بهواهم؟ والملحوظ أن أكثر هؤلاء الصوفية وفدوا إلى مصر بعد طرد الفاطميين منها. والمشاهد الذي يلمسه اليقين بالحقيقة أن عقائد كثير من المسلمين في مصر تأثرت بدعوة هؤلاء الصوفية، حتى صارت ذات رحم ماسة بالمجوسية الفاطمية. قد تستطيع الإجابة عن تلك الأسئلة إذا ربطت بين المقدمات والنتائج، وإذا كنت على بينة من أن التصوف العملي يدين بعبادة مشاهد آل البيت، سواء أكانت صحيحة النسبة إليهم أم زائفتها، وإذا كنت على بينة أيضا من أن التصوف النظري يشابه عقيدة الفاطميين، ويشاكلها في التلبيس والتأويل، والمصدر والوسيلة والغاية. بل أقول: إنه هي في الظاهر والباطن والأهداف. تستطيع الإجابة عن تلك الأسئلة إذا تبينت كل هذا، بل ستدرك الجواب الصحيح، وبخاصة إذا قارنت بين ما ترتب من نتائج دينية وسياسية واجتماعية على الدعوة الفاطمية، وبين ما ترتب -وما زال- على الصوفية. قارن وتأمل وتجرد، تجد النتائج واحدة، تجد الجواب يدفعك دفعا إلى إدراكه، وهو أن الصوفية دعاة الفاطمية وأشباهها.
١ ص٢٦١ ج٢ الشفاء.
٢ إحدى فرق الخوارج أتباع عبد الله بن أباض، افترقوا فرقا كثيرة يجمعها القول بإكفار مخالفيهم من هذه الأمة ولا يزال منهم بقايا في عصرنا بطرابلس وزنجبار انظر ص٦١ من الفرق بين الفرق للبغدادي.
1 / 36