بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
خطبة الكتاب:
الحمد لله المضل الهاد، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تضمن الإسعاد، يوم يقوم الأشهاد، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الداعي إلى سبيل الرشاد. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين قمعوا أهل العناد، وحكموا سيوفهم في رقاب أهل الفساد، فلم يجسر أحد في زمانهم على إلحاد، بتمثيل، أو تعطيل، أو حلول، أو اتحاد. أبعدنا الله من ذلك أيما إبعاد، وحمانا منه على مر الدهور والآباد.
وبعد: فإني لما رأيت الناس مضطربين في ابن عربي١ المنسوب إلى التصوف، الموسوم عند أهل الحق: بالوحدة، ولم أر من شفى القلب في ترجمته٢ وكان كفره في كتابه الفصوص أظهر منه في غيره، أحببت أن أذكر منه ما كان ظاهرا، حتى يعلم حاله، فيهجر مقاله، ويعتقد انحلاله، وكفره وضلاله، وأنه إلى الهاوية مآبه ومآله، امتثالا لما رواه مسلم عن أبي سعيد [الخدري] ﵁ أن النبي ﷺ قال: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن
_________
١ هو أبو بكر محيي الدين محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي، ولد بمرسية سنة ٥٦٠ ونشأ بها وانتقل إلى أشبيلية، ثم ارتحل وطاف البلدان فطرق بلاد الشام والروم والمشرق، ودخل بغداد، وارتحل إلى مكة، وكانت وفاته سنة ٦٣٨هـ.
٢غمط بقوله هذا حق الإمام ابن تيمية، وهو شيخ شيوخ البقاعي، وإليه تنتهي الإمامة في نقد التصوف، والبرهنة العقلية والنقلية على منابذته للحق من الكتاب والسنة، وللبدهيات من العقل.
1 / 18