[ص57] ثم أقول كما قال الحريري: "يا رواة القريض، وأساة القول المريض، إن خلاصة الذهب تظهر بالسبك، ويد الحق تصدع رداء الشك. وها أنا قد عرضت خبيئتي للاختبار"(¬1)[31]، وعرضت حقيقتي على الاعتبار، فمن وجد فيه عثارا فليقل: لعا(¬2)[32]، أو اطلع على سهو فليسدل عليه من حسن تأويلاته برقعا. وإن لم يبلغني الناظر من إنصافه ما أرجوه، فعذري باد للعيون من وجوه.
أحدها أن هذا أول مجموع أبرزته في قالب التصنيف، وأفرغت جهدي فيما يحصل به لأذن سامعه التقريط والتشنيف، مع كوني في إبان الحداثة(¬3)[33]، التي الغالب على صاحبها ألا يميز الاثنين من الثلاثة، لم أبلغ من البلاغة أشدي، ولا ثبت عند قضاة الأدب رشدي، فلا يجعل الزلل ذريعة للوقيعة والسباب، وليتذكر(¬4)[34]:
فإن يك قد أساء القول عمرو
... فإن مظنة الجهل الشباب
ثانيها: إقراري بجرأتي على تعاطي هذا الفن، بل وسائر [الفن]ون، فهيهات أن أغوص في بحار البلاغة على درها المكنون. ومن أقر على نفسه بأن بضاعته مزجاة(¬5)[35]، فهو عند الإنصاف من الاعتراض بمنجاة.
بين تأ[لي]في وتأليف الورى
... قدر ما بين الثريا والثرى
Página 9