وقد يكون الحديث قد اشتهر أمره في الدنيا ولا أصل له، وشهرته لكثرة إيراد القصاص له، كقولهم: «من عزى مصابًا فله مثل أجره»، و«من بشرني بخروج آذار»، وفي رواية: بخروج صفرٍ - بشرته بالجنة»، و«من آذى ذميًا فقد آذاني»، و«يوم نحركم يوم صومكم» .
وقد يكون مشهورًا بين أهل الحديث وغيرهم، كقوله: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» .
وقد يكون مشهورًا عند أهل الحديث دون غيرهم، وهو لا يحصى كثرةً.
ومن المشهور ما يعده جماعةٌ من الفقهاء والأصوليين متواترًا، ولو سئلوا عن إبراز مثالٍ لذلك لأعياهم تطلبه، وأصح شيءٍ يمثلون به حديث: «إنما الأعمال بالنيات»، وقد ذكر في النوع الأول أنه حديثٌ صحيحٌ، لكنه منقطع الأول عن العدد، فكيف يصح تواتره إذا كان متواتر الوسط والآخر دون الأول؟!
وليس في الحديث متواترًا، إلا إن كان ولا بد فليكن حديث: «من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار»، فإنه رواه عن النبي ﷺ قريب تسعين من الصحابة، واتصل منهم إلى هذا الزمان بجم غفيرٍ من الرواة لا يمكن تواطؤهم على الكذب، وليس في الحديث ما يشبهه في كثرة رواته، والله أعلم.
1 / 106