يكون الذين أضيفت العنعنة إليهم قد ثبتت ملاقاة بعضهم بعضًا، مع براءتهم من وصمة التدليس، فحينئذٍ تحمل على الاتصال، إلا أن يظهر فيه خلاف ذلك.
[الحديث المدلس]
والحديث المدلس نوعان، أحدهما: تدليس الإسناد، وهو أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه، موهمًا أنه سمعه منه، أو عمن عاصره ولم يلقه موهمًا أنه قد لقيه وسمعه منه، ثم قد يكون بينهما واحدٌ أو أكثرٌ، ومن شأنه أن لا يقول في ذلك: حدثنا فلانٌ، ولا أخبرنا، وما أشبهما، وإنما يقول: قال فلانٌ، أو عن فلانٌ، ونحو ذلك.
ومن ذلك ما روي عن علي بن خشرمٍ، قال: كنا عند ابن عيينة، فقال: الزهري، فقيل له: حدثكم الزهري؟ فسكت، ثم قال: الزهري، فقيل له: سمعته من الزهري؟ فقال: لا، لم أسمعه من الزهري، ولا ممن سمع من الزهري، حدثني عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري.
والثاني: تدليس الشيوخ، وهو: أن يروى عن شيخ حديثًا سمعه منه، فيسميه، أو يكنيه، أو ينسبه، أو يصفه بما لا يعرف به، كيلا يعرف.
ومثاله: ما روي عن الإمام أبي بكر بن مجاهدٍ المقرئ أنه روى عن أبي بكرٍ عبد الله بن أبي داود السجستاني، فقال: حدثنا عبد الله بن أبي عبد الله. وروي عن أبي بكرٍ محمد بن الحسن النقاش المفسر المقرئ، فقال: حدثنا محمد بن سندٍ، نسبه إلى جد له.
والأئمة للنوع الأول أشد كراهيةً منهم للثاني، فإن الثاني لا طائل تحته، وقد استعمله كثيرٌ من العلماء الحفاظ، والله أعلم.
1 / 102