إبراهيم بن هبة الله بن المسلم بن هبة الله بن حسان بن محمد بن منصور بن أحمد البارزي الجهني الحموي أبو الطاهر بن أبي القاسم بن أبي المعالي
أحد الأئمة المشهورين، والعلماء العاملين، والقضاة العادلين، كان رحمه الله درس بدمشق بالمدرسة الرواحية، في سنة تسع وست مائة، وأعاد للشيخ الإمام أبي منصور عبد الرحمن بن عساكر، ودرس بحماة في سنة ثلاث وأربعين وست مائة بالمدرسة الخطيبية، ولم يزل مدرسها إلى حين وفاته، ودرس أيضا بالمعرة مدة، وأفتى مدة طويلة، وولي قضاة حماة وأعمالها سنة إحدى وخمسين وست مائة، ولم يزل قاضيا إلى أن مات، وكان مفننا يعرف التفسير، والحديث، والفقه، والأصولين، والنحو، ويحفظ كثيرا ممن الرقائق، وكان يكرر على نحو الثلث من كتاب نهاية المطلب في الفقه، وقيل: إنه كرر على الجميع، وكان رفيق القلب، سريع الدمعة، يصوم الدهر، ويقوم نفسه أورادا من العبادة ليلا ونهارا، واختصر في آخر عمره من لباسه، فكان يلبس على رأسه بطانة من الخام آذرعا يسيره، بذؤابة لطيفة، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي إلى رحمة الله تعالى في العشرين من شعبان سنة تسع وستين وست مائة بمدينة حماة، ودفن بداره بالسوق الأسفل، وقد بلغ من العمر تسعين سنة، ولما توفي كنت مع الجيش على حصن الأكراد، وكان قدومي في هذه المرة من الديار المصرية إلى حماة لرؤيته، وزيارة والدي رضي الله عنهما، فإني كنت قرأت عليه جميع كتاب التنبيه، دروسا وانتفعت به وصحبته، ومما حفظته منه هذا الدعاء: اللهم فرغنا لما خلقتنا لأجله، ولا تشغلنا بما تكفلت لنا به، اللهم لا تحرمنا ونحن نسألك، ولا تعذبنا ونحن نستغفرك، اللهم علمنا حتى نعلم، وفهمنا حتى نفهم، فإنا لا نفهم عنك إلا بك.
Página 16