بِكِرْمَانَ، وَيَزْدَ، وَأَصْبَهَانَ، وَالْكَرْجِ، وَبِفَارِسَ، وَهَمَذَانَ، وَبَغْدَادَ، وَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ الْحُفَّاظُ وَالْوُزَرَاءُ وَالْكُبَرَاءُ، وَانْتُقِيَ عَلَيْهِ، كَانَ عِنْدَهُ كتبٌ كبارٌ، وَأَجْزَاءٌ صغارٌ، وَحَصَلَ لَهُ مِنَ الْعِزِّ مَا لَمْ يَحْصُلْ لِغَيْرِهِ، وَلَوْلا خَشْيَةُ التَّطْوِيلِ لَذَكَرْتُ مَنْ قَرَأَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ بلدٍ، فَإِنَّ مَنْ سَمِعَ منه لا يحصى ولا يحضر، وَأَصْحَابُهُ انْتَشَرُوا بِالْبِلادِ وَقَدِ انْقَرَضُوا، مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثمانٍ وخمسين وأربعمائةٍ، وَتُوُفِّيَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ وخمسمائة، وَانْقَطَعَ الإِسْنَادُ بِمَوْتِهِ.
وَفِيهِ يَقُولُ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ:
أَتَاكُمُ الشَّيْخُ أَبُو الْوَقْتِ ... بِأَحْسَنِ الأَخْبَارِ عَنْ ثَبْتِ
طَوَى إِلَيْكُمْ عِلْمَهُ نَاشِرًا ... مَرَاحِلَ الأَبْرَقِ وَالْخَبْتِ
أَلْحَقَ بِالأَطْفَالِ أَطْفَالَكُمْ ... وَقَدْ رَمَى الْحَاسِدَ بِالْكَبْتِ
فَمِنَّةُ الشَّيْخِ فِيمَا قَدْ رَوَى ... كَمِنَّةِ الْغَيْثِ عَلَى النَّبْتِ
بَارَكَ فِيهِ اللَّهُ مِنْ حاملٍ ... خُلاصَةَ الْفِقْهِ إِلَى الْمُفْتِي
انْتَهِزُوا الْفُرْصَةَ يَا سَادَتِي ... وَحَصِّلُوا الإِسْنَادَ فِي الْوَقْتِ
فَإِنَّ مَنْ فَوَّتَ مَا عِنْدَهُ ... يَصِيرُ ذَا الْحَسْرَةِ والمقت
1 / 386