Mashriq Shamsayn
مشرق الشمسين
Géneros
شاكلها لا من حيث صدورها عنهم بل من حيث أنها نسبة شريفة ووصلة لطيفة بينهم وبينه عز سلطانه ومنه يظهر وجه تفصيل ما حكاه سبحانه عن حبيبه لا تحزن إن الله معنا على ما حكاه عن كليمه أن معي ربي سيهدين وتكرير الضمير للتنصيص على التخصيص بالاستعانة وإلا لاحتمل تقدير مفعولها مؤخرا فيفوت دليل من يذهب إلى أن التخصيص إنما هو لمجموع الأمرين لا بكل منهما مع أنه هو المطلوب وللإستلذاذ بالخطاب ولبسط الكلام مع المحبوب كما في قول موسى على نبينا وعليه السلام هي عصاي وإيثار صيغة المتكلم مع الغير على المتكلم وحده للإرشاد إلى ملاحظة القاري دخول الحفظة أو حضار صلاة الجماعة أو كل ذرة من ذرات وجوده من قواه وحواسه الظاهرة والباطنة وغيرها أو جميع ما حوته دائرة الإمكان وانطوى عليه نطاق الحدوث واتسم بسمت الوجود كما قال عز من قال وإن من شئ إلا يسبح بحمده وللإنذار بحقارة نفسه عند باب العظمة والكبرياء عن عرض العبادة منفردا وطلب الإعانة مستقلا من دون الانضمام والدخول في جملة جماعة يشاركونه في عرض العبادة على ذلك الباب وطلب الإعانة من ذلك الجناب كما هو الدأب في عرض الهدايا على الملوك ورفع الحوائج أو لقصد أنه إنما يتكلم عن لسان غيره من المقربين الذين لهم أهلية المخاطبة وعرض الحاجة لدى حضرة العزة والجلال وإنما هو في مراحل عن الجريان على ذلك المنوال أو لأن في خطابنا له عز وعلا بأن خضوعنا التام واستعانتنا في المهمات منحصر أن فيه جل شأنه لا يتجاوزان عنه إلى غيره مع خضوعنا الكامل لأهل الدنيا من الملوك والوزراء ومن ينخرط في سلكهم جزاء عظيمة وجسارة بينة فعدل في الضالين عن الأفراد إلى الجمع بعدا عن هذه الشنعة لأنه يمكن أن يقصد حينئذ تغليب الأصفياء الخلص عن غيرهم فيحرز عن تلك القرينة الظاهرة والتهور الشنيع بخلاف صيغة الأفراد وروي عن مالك بن دينار رضي الله عنه كأن يقول لولا أني مأمور من الله تعالى بقراءة هذه الآية ما كنت أقرؤها قط لأني كاذب فيها وما أحسن قول رابعة العدوية رضي الله عنها لك ألف معبود مطاع أمره دون الإله وتدعي التوحيد أو لأن هنا مسألة فقهية هي أن من باع أمتعة مختلفة صفقة واحدة فكان بعضها معيبا فإن المشتري لا يصح له أن يأخذ الصحيح ويرد المعيب بل إما أن يرد الجميع أو يقبل الجميع فأراد العابد أن يحتال لقبول عبادته ويتوصل إلى نجاح حاجته فأدرج عبادته الناقصة المعيبة في عبادات غيره من الأولياء والمقربين وخلط حاجته بحاجات من عداه من الأصفياء المخلصين وعرض الجميع صفقة واحدة على حضرة ذي الجود والأفضال فهو عز شأنه أجل من أن يرد المعيب ويقبل الصحيح كيف وقد نهى عباده عن تبعيض الصفقة ولا يليق مكرمة رد الجميع فلم يبق إلا قبول الكل وفيه المطلوب فهذه وجوه خمسة في إيثار صيغة المتكلم وحده وبالله وحده الإعتصام فصل وما تضمنته الآية من الالتفات من الغيبة إلى الخطاب ينطوي على نكات فاتقة ولطائفه زائقة زيادة على ما في مطلق الالتفات من المزية المقررة في فن المعاني فمنها التنبيه على أن القراءة ينبغي أن يكون صادرة عن قلب حاضر وتوجه كامل بحيث كلما أجرى القاري اسما من تلك الأسماء العليا ونعتا من تلك النعوت العظمى على لسانه ونقشه على صفحة خيله حصل للمطلوب مزيد انكشاف وانجلاء وأحسن هو بتزايد قرب واعتلاء و هكذا شيئا فشيئا إلى أن يترقى من مرتبة البرهان إلى درجة الحضور والعيان فيستدعي المقام حينئذ العدول إلى صيغة
Página 403