من غدا محكوم طبع ناشف
بات مرذولا من الطبع الرطيب
إنما الزوجان ما بينهما
حق عهد متساو لا يغيب
فعلى ذي العهد أن يحفظ ما
أوجب العهد وإن خان يخيب
حال الطفولية
هذا هو الدور الأول لحياة الإنسان، والغلوة الأولى في طريق الزمان، حيثما يقال للداخل طفلا مولودا، وللخارج شيخا مفقودا. ولما كان الإنسان في هذا المدخل عديم البصيرة، خالي السريرة، عاريا من كل الكمالات الأدبية، غير حاصل على تمام الوظائف العقلية، فلا يرى إلا ما يقوم قربه، ولا يشعر إلا بما يستعطف قلبه، فيلعب بالتراب ويذريه، ويعبث بالتبر ويذريه، ويسخر بالمقبولات والمردودات، ويضحك على كل الموجودات، فلا يهتم إلا بطلب الغذا، ولا يحفل إلا بما يورث الأذى. وإذ لا يبرح طايشا بخفة بنيته، وضايعا في تيه نيته، فلا يسمع دوي ضوضاء العوالم، ولا روي قوافي العظايم، بينما يكون باكيا تحت تأثيراتها وفواعلها، ومتحركا وساكنا تحت جوازمها وعواملها، ومسرعا في طريق حياته إلى الدخول في أبوابها، والغوص في عبابها، فليت عينيه ترى ما يستقبله من الأوصاب، وما يستنظره من الأتعاب، فما الثدي إلا رمز الردى في طلب القوت، وما المهد إلا إشارة التابوت.
حال الفتوة
هذا هو الدور الثاني للحياة الإنسانية، والمساحة الأولى لانتشار القوى العقلية، أو التل الأول في طريق الأجل، ومسلك العمل، فيصعد الإنسان عليه، وينظر العالم بعينيه، فيراه مشهدا بديع الجمال، ومرسحا تلعب به الآمال، وترقص فيه الملذات والأماني، وتحوم حوله البشاير والتهاني، فتشمله شمول هذا الظهور، وتلعب برأسه حمية هذه الأمور، فيبات سكران بالأفراح، ومأخوذا برنين تلك الأقداح، فيبسم مدى الأوقات، ولا يعلم ما الآفات، إذ يظل ملتفا بكساء الآمال، ومحتفا بأوهام الأعمال، فلا ينظر إلا إلى ذاته، ولا يحفل إلا بصفاته، هايما في ملاهي دنياه، ومتهافتا على حداثة قواه. وهكذا فيهبط في وادي هذا العالم الملم، ويخبط في ذلك البحر الخضم، ولا يزال بين هبوب وانكباب، إلى أن ينشله الصواب، ويدركه الشباب.
Página desconocida