Mashariq Anwar al-Uqul
مشارق أنوار العقول
Géneros
( قوله ومن يقل الهنا لم يخلق أفعالنا الخ) أي من اعتقد اعتقادا جازما أن الله عز وجل لم يخلق أفعال العباد فهو فاسق منافق أحمق بعدا له، وإنما قلنا اعتقادا جازما ليخرج من اعتقد لقصور عقله إن ريح المروحة ونحوها خلق له من غير أن يخطئ من خالقه في ذلك، فإنه لا يفسق لأنه من الخطأ المرفوع عنا كذا في الذهب الخالص، وعزاه إلى بعض محققي أصحابنا، وفي عدم تفسيق هذا المعتقد إشارة إلى أن المعتزلة إنما كان فسقهم هي هذه المسألة من باب اعتقادها دينا وتخطئة من خالفهم في ذلك لكن المعتزلة أنكروا إيجاد الله لأفعالنا وجهلوها موجودة لنا فهم فاسقون بذلك أيضا، وأول من قرر هذا المذهب الفاسد واصل بن عطاء([1]) وقد تلمذ للحسن البصري([2]) ومكث في مجالسته عشرين سنة، وهو المقدر لقواعد القول بقدرة العبد وخلقه الفعل، وقال: إن الباري عادل حكيم لا يجوز أن يضاف إليه شين ولا ظلم ولا يجوز عليه أي يريد من العباد خلاف ما يأمرهم به ولا يجوز عليه أن يخلق للعباد شيئا فيجازيهم عليه والعبد هو الفاعل للخير والشر والطاعة والمعصية، والله سبحانه وتعالى مجازيه بفعله وقال: ليس من الحكمة أن يكون الله سبحانه وتعالى يخلق الكفر للكافرين به وهو مبغض للكفر معاد للكافرين فيكون ذلك كمن أعان على شتم نفسه ا. ه وهذا مبني على جعل العقل حاكما على الشرع لا يجوز عندهم أن يرد الشرع بخلافه وحاصل ما عول عليه ها هنا ثلاثة أشياء.
(أحدها): أنه لا يجوز أن يضاف إلى الله شين ولا قبح لأنه عدل ولا شك أن أفعال المعاصي قبح وشين فلا تصح إضافتها إليه.
(وجوابه) أن الشين والقبح في اكتسابهما لا في خلقهما (وبيان) ذلك أن القبح عندنا معشر الأباضية، وعند الأشعرية، وعند من وافقنا على ذلك ما نهى عنه الشرع لا ما قبحه العقل فقط، لأن الحسن والقبح شرعيان عندنا وأما المعتزلة فعندهم أنهما عقليان، وقد تقدم فساد مذهبهم.
Página 163