Mashariq Shumus
مشارق الشموس (ط.ق)
الخلاف في الأمر الأول أيضا لأنه إذا كان قصد القربة واجبا فلا ريب في استحقاق العقاب تركه فيخالف ما ذكرته من الاتفاق قلت أما أولا فيمكن أن يقال مراده سقوط العقاب الذي بسبب ترك الصلاة لا سقوط العقاب مطلقا كيف والظاهر أن لا خلاف في حرمة الرياء فيكون مستحقا للعقاب بسببه وأما ثانيا فنقول لا بعد في ذلك إذ يجوز أن لا يكون المرتضى (ره) قابلا بالوجوب أيضا والاتفاق الذي أعاده العلامة (ره) كأنه من حيث عدم الاعتداد بخلافه لشذوذه وندوره الوقوع الاتفاق بعده أو قبله والله أعلم ثم ما يمكن أن يحتج به على الاشتراط أمور الأول قوله تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله الآية وجه الاستدلال أنه تعالى حصر الامر في الامر بالعبادة حال الاخلاص فلا يكون طبيعة العباد مطلقة مأمورا بها فلا يكون الآتي بها بدون الاخلاص اتيا بالمأمور بها فيكون باطلة وهذا إن كان في حق أهل الكتاب ظاهرا لكن قوله تعالى وذلك دين القيمة أي المستمرة على نهج الصواب كما في مجمع البيان يدل على ثبوته في حقنا أيضا وفيه نظر أما أولا فلان الحصر ممنوع إذ يجوز أن لا يكون اللام بمعنى الباء كما في قوله تعالى وأمرنا لنسلم بل بمعناها الظاهر وهو التعليل وحينئذ يجوز أن يكون أوامر أخرى أيضا غير الامر بالعبادة حال الاخلاص لكن يكون الغرض منها هذه باعتبار أن يكون لمتعلقاتها دخل في حصول هذا المعنى وعلى تقدير كونها بمعنى الباء أيضا يمكن أن يقال ذكر العبادة حال الاخلاص فقط كأنه من باب الاكتفاء بالأصل والعمدة كما اختص الصلاة والزكاة من بين العبادات بالذكر لفضلهما وشرفهما ويؤيده إن الظاهر أن الأوامر التي في الكتاب كثيرا ما يتعلق بغير العبادة كما لا يخفى إلا أن يقال إن جميع ما أمر عبادة ولا يخلو عن بعد وأما ثانيا فلانه على تقدير تسليم الحصر لا نسلم إن إخلاص الدين بمعنى القربة التي مرادهم إذ يجوز أن يكون الدين بمعنى الملة والاسلام كما في القاموس ويكون إخلاصه اختياره خالصا لله أو يكون بمعنى العبادة أيضا لكن يكون اخلاصه أن لا يكون عبادة لغيره تعالى من الأوثان وغيرها لا أن يكون لغرض سواء موافقة إرادته وكلام القاضي محتمل للوجهين معا وأيضا يمكن أن يكون الاخلاص ترك الرياء كما فسر به في الصحاح والقاموس وحينئذ وإن كان نافعا في بعض مدعاهم لكن لا ينفع في الجميع وأما ثالثا فلانه لا نسلم إن القيمة بمعنى المستمرة على نهج الثواب لم لا يجوز أن يكون بمعنى الحقة والمستقيمة ولا شك أن كل شريعة حقة مستقيمة وذلك لا ينافي طريان النسخ عليها ولو سلم انه بذلك المعنى فلا نسلم إن ذلك إشارة إلى حصر الامر في العبادة حال الاخلاص لم لا يجوز أن يكون إشارة إلى العبادة حال الاخلاص وكون تلك العبادة ثابتة في شرعنا لا يستلزم أن لا يكون الامر بالعبادة مطلقة أيضا وأرادا فيه هذا وقد يستنبط اشتراط الاخلاص من قوله تعالى حنفاء وفيه ضعف الثاني الآيات الواردة بالامر بالاخلاص المتقدمة في صدر بحث النية ووجوه الايراد عليها أيضا ظاهر مما ذكرنا سابقا وآنفا الثالث إن الرياء حرام للاتفاق كما هو الظاهر ولقوله تعالى الذين يراؤون الناس ولا يشرك بعبادة ربه أحدا إلى غير ذلك من الاخبار والروايات والنهى في العبادة مستلزما للفساد وفيه أنا لا نسلم أنه من قبيل النهي في العبارة إذ يجوز أن يكون قصد مراءاة الناس حراما لا أن يكون العبادة بذلك القصد حراما ولو نسلم فلا نسلم إن النهي في العبادة مستلزم للفساد وما ذكروه في بيانه مدخول وليس ها هنا موضعه وأنت خبير بأن هذا الوجه على تقدير تمامه لا يدل على تمام مدعاهم بل على بعضه كما سبق نظيره ويراد أيضا على الوجوه الثلاثة جميعا منع في خصوص ما نحن فيه وهو منع إن الوضوء عبادة لم لا يجوز أن يكون من قبيل إزالة النجاسات الرابع قوله (عليه السلام) إنما لامرئ ما نوى ومن لم يقصد القربة بالمعنى المذكور لم يقصد الامتثال ولا حصول الثواب ولا سقوط العقاب فلم يكن له شئ منها فلا يكون عبادته صحيحة وفيه ما ذكر مرارا من الاجمال الحاصل فيه وعدم ظهور المراد منه بحيث يصلح للاحتجاج وكان المراد منه عدم حصول الأجر والثواب بدون أن يكون القصد إلى مرضات الله تعالى فلا يتم المطلب هذا ما يقال في هذا المقام وقد عرفت عدم تمامية شئ منها لكن الشهرة بين الأصحاب وتتبع الآيات والروايات الواردة في هذا الباب مما يثمر ظنا بالاشتراط لأنه وإن أمكن المناقشة في كل من الآيات والروايات لكن يتخذ من جميعها إن العبادة بدون القربة ليست عبادة خصوصا مع قصد الريا فإذن الأولى الاخذ بالاحتياط التام في هذا المقام وأما الثالث والرابع وهو وجوب الاستقلال بالنسبة إلى الرياء واشتراطه فهو أيضا مما اشتهر بين الأصحاب وخلاف المرتضى جار ها هنا أيضا اما فيهما أو في الثاني فقط والدلايل والأبحاث أيضا يعلم مما سبق وأنت خبير بأن إثبات الحكم في هذا المقام أصعب في سابقه وأما الخامس والسادس وهو وجوب الاستقلال بالنسبة إلى غير الرياء من التبرد والتسخن ونحوهما واشتراطه فمما اختلف فيه خلافا شايعا فالشيخ (ره) في المبسوط حكم بعدم الاشتراط وكذا المحقق في المعتبر والشرايع والعلامة في الارشاد وقد علمت إن الظاهر ذهاب المرتضى (ره) إليه أيضا بطريق الأولى والعلامة في بعض كتبه وجمع آخر مثل المحقق الثاني والشهيد الثاني ما لوا إلى الاشتراط والمصنف (ره) متردد في هذا الكتاب والذكرى والظاهر أن لا فرق ها هنا بين الوجوب والاشتراط فمن قال بالوجوب قال بالاشتراط ومن لم يقل بالاشتراط لم يقل بالوجوب أيضا حجة الشيخ ومن تبعه أنه فعل الواجب وزيادة غير منافيه فيكون صحيحا وفيه إن عدم المنافاة أول البحث إلا أن يرجع كلامهم إلى منع المنافاة أول وهم وإن كانوا مستدلين لا يقبل منهم المنع لكن استدلالهم في الحقيقة يؤول إلى أصل البراءة وعدم ثبوت قدر زايد على ما أثبتوه في هذا الاعتبار ويتوجه منهم منع المنافاة واحتجوا أيضا بأن اللازم واجب الحصول وإن لم ينوه فيكون نيتها كعدمها وفيه أولا النقض بالريا لان رؤية الناس أيضا لازم للفعل سواء نويت أم لا وثانيا إن لزومه لا يقتضي جواز قصده وإيقاع الفعل لأجله وهو ظاهر واحتج المشترطون بأنه مناف للاخلاص وفيه ما مر من منع المنافاة وعدم تسليم ثبوت قدر زايد على اشتراط القربة في الجملة سواء استقلت أو لا هذا ولا يذهب عليك أن
Página 97