Mashariq Anwar
مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع)
Géneros
ولو لا القنابر لما سقيتها، فقلت: يا سيدي، وما الفرق بين القنابر والعصافير؟
فقال: ويحك أما العصافير فإنهم موالي الرجل (1) لأنهم منه، وأما القنابر فإنهم موالينا أهل البيت، وإنهم يقولون في صفيرهم: بوركتم أهل البيت (عليهم السلام)، وبورك شيعتكم، ولعن الله أعدائكم، ثم قال: عادانا من كل شيء حتى الطيور الفاختة ومن الأيام الأربعاء (2).
أقول: في هذا الحديث رمز حسن يشير إلى أن كلا يميل إلى شكله ويفرح بنظيره، وينبعث إلى طبعه، وإليه الإشارة بقوله (صلى الله عليه وآله): يعرف ولد الحرام بأكله للحرام، وهذا أيضا رمز وهو أن ولد الحرام مادته من الحرام فهو يحب ما هو منه، وعدوهم من الرجل فهو لا يحب إلا مادته، ومحبهم ووليهم طينته منهم، وهي طينة خلق منها أولاد الحلال فلا يحبهم إلا ولد الحلال، وليس محبهم إلا ولد الحلال.
ومن ذلك ما رواه إسماعيل السندي عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول لرجل من خراسان كان قدم إليه: كيف أبوك؟
فقال الرجل: بخير،
فقال: فأخوك؟
قال: خلفته صالحا، فقال: قد هلك أبوك بعد خروجك بيومين، وأما أخوك فقتلته جاريته يوم كذا، وقد صار إلى الجنة؛ فقال الرجل: جعلت فداك، إن ابني قد خلفته وجعا، فقال:
أبشر فقد برىء وزوجه عمه ابنته وصار له غلام وسماه عليا، وليس من شيعتنا، فقال الرجل:
فما إليه من حلية؟ فقال: كلا قد أخذ من صلب آدم أنه من أعدائنا فلا تغرنك عبادته وخشوعه (3).
ومن ذلك ما رواه جابر بن يزيد قال: كنا مع أبي جعفر (عليه السلام) في المسجد فدخل عمر بن عبد العزيز وهو غلام، وعليه ثوبان معصفران فقال أبو جعفر (عليه السلام): لا تذهب الأيام حتى يملكها هذا الغلام، ويستعمل العدل جهرا والجور سرا فإذا مات تبكيه أهل الأرض ويلعنه
Página 140