ولا معدى لمحاربه عن أحد أمرين: أن يخندق على عسكره ولا يترك وسيلة من وسائل الحيطة إلا اتخذها، أو ينفد صبره فيهاجمه في حيثما كان.
فإن كانت الأولى فقد تمضي الأيام والأسابيع، بل والشهور بلا طائل. وإن كانت الأخرى فقد تعجل الهزيمة أو الهلاك لنفسه وجيشه جميعا. •••
قالوا إن الحجاج دعا عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فقال له: «انتخب الناس واخرج في طلب هذا العدو.»
منشور الحجاج
وكتب الحجاج إلى رجال جيشه المنشور التالي:
أما بعد، فقد اعتدتم عادة الأذلاء، ووليتم الدبر - يوم الزحف - وذلك دأب الكافرين، وإني قد صفحت عنكم - مرة بعد مرة، ومرة بعد مرة - وإني أقسم لكم بالله قسما صادقا، لئن عدتم لذلك لأوقعن بكم إيقاعا أشد عليكم من هذا العدو الذي تهربون منه في بطون الأودية والشعاب وتستترون منه بأثناء الأنهار وألواذ الجبال، فخاف من له معقول على نفسه ولم يجعل عليها سبيلا، وقد أعذر من أنذر.
وقد أسمعت لو ناديت حيا
ولكن لا حياة لمن تنادي
والسلام عليكم.
وقد خرج عبد الرحمن بجيشه حتى مر بالمدائن فنزل بها يوما وليلة وتشرى أصحابه حوائجهم، ثم ارتحلوا حتى وصلوا إلى «الجزل بن سعيد».
Página desconocida