فقال له عمرو: «لعنك الله من شيخ!»
وإنما أتينا بهذا المثال ليتبين القارئ منه أي فئة من الناس كانت تلك الفئة التي أقدمت على قتل الحسين وهو من هو من رسول الله!
عدم قبول النصائح
ولقد أصر الحسين - رضي الله عنه - على الذهاب دون أن يستمع إلى نصح الناصحين، وقد ذكرنا قولة الفرزدق الحكيمة له، ولنذكر ههنا نصيحة ابن عباس البعيد النظر.
ذكروا أن الحسين لما أجمع المسير إلى الكوفة أتاه عبد الله بن عباس فقال له: «يا ابن عم، إنك قد أرجف الناس أنك سائر إلى العراق، فبين لي ما أنت صانع؟»
فقال له الحسين: «إني قد أجمعت المسير في أحد يومي هذين إن شاء الله تعالى.»
فقال له ابن عباس: «فإني أعيذك بالله من ذلك. أخبرني - رحمك الله - أتسير إلى قوم قد قتلوا أميرهم، وضبطوا بلادهم ونفوا عدوهم؟ فإن كانوا قد فعلوا ذلك فسر إليهم. وإن كانوا إنما دعوك إليهم وأميرهم عليهم قاهر لهم وعماله تجبي بلادهم فإنهم إنما دعوك إلى الحرب والقتال، ولا آمن عليك أن يغروك ويكذبوك ويخالفوك ويخذلوك وأن يستغفروا إليك، فيكونوا أشد الناس عليك.»
فقال له الحسين: «وإني أستخير الله وأنظر ما يكون.»
وقد كان في هذه النصيحة الحكيمة مقنع لولا أن القضاء يأبى إلا أن ينفذه. ثم جاء منافسه في الخلافة «عبد الله بن الزبير» فحدثه ساعة - كما يقولون - ثم قال: «ما أدري ما تركنا هؤلاء القوم وكفنا عنهم، ونحن أبناء المهاجرين وولاة هذا الأمر دونهم؟ خبرني ما تريد أن تصنع؟»
فقال الحسين: «والله لقد حدثت نفسي بإتيان الكوفة، ولقد كتب إلي شيعتي بها وأشراف أهلها، وأستخير الله.»
Página desconocida