المشهد، قرأت جزءا من القرآن وأخذت المصحف وتفألت به أن يكشف لي عن حال حمل كنت قد فارقته بالزوجة قبل سفري وميعاد ولادته أوائل شهر جمادى المذكور، فظهر لي في أول الفاتحة فبشرناه بغلام حليم فسجدت لله شكرا ورجوت من الله تعالى أن يحقق لي ذلك وأن يكون قد رزقني ولدا ذكرا مباركا ميمونا حميد العاقبة، فكتبت صورة الفال والتاريخ في تلك الساعة في رقعة، واستمر الحال إلى أن خرجت من المدينة المذكورة إلى مدينة «اسكدار» وهي قريبة منها، بينها وبينها قطعة يسيرة من البحر، سيرها نحو ميل، فجاءني- وأنا مقيم بها- في يوم الثلاثاء التاسع عشر من شهر رجب من السنة المذكورة كتب من أصحابنا بالبلاد في بعضها بشارة بولد ذكر ولد في المدة المذكورة.
وكانت مدة إقامتي بمدينة قسطنطنية ثلاثة أشهر ونصفا. وخرجت منها يوم السبت، حادي عشر شهر رجب في السنة المذكورة وعبرت البحر إلى مدينة «اسكدار» وهي مدينة حسنة جيدة، صحيحة الهواء، عذبة الماء، محكمة البناء، يتصل بكل دار منها بستان حسن يشتمل على الفواكه الجيدة العطرة على شاطئ البحر، مقابلة لمدينة قسطنطنية بينهما البحر خاصة. وأقمت بها أنظر وصول صاحبنا الشيخ حسين بن عبد الصمد (1) لأنه احتاج الى التأخر عن تلك الليلة.
وكان خروجنا من «اسكدار» متوجهين الى العراق يوم السبت لليلتين خلتا من شهر شعبان، واتفق أن طريقنا إليها هي الطريق التي سلكناها من «سيواس» إلى «اصطنبول» ووصلنا إلى مدينة «سيواس» يوم الاثنين لخمس بقين من شهر شعبان، وخرجنا منها يوم الأحد ثاني شهر رمضان متوجهين إلى العراق، وهو أول ما فارقناه من الطريق الاولى وخرجنا في حال نزول الثلج وبتنا ليلة الاثنين أيضا على الثلج وكانت ليلة عظيمة البرد.
Página 20