سادسا:
أن يسافر أمير الصرب إلى الآستانة؛ ليقدم واجبات الخضوع والتابعية للحضرة السلطانية، وليستلم فرمان تعيينه أميرا على الصرب.
فرأت الدول أن هذه الشروط قاسية جدا، وأن قبولها يضر بالصرب ضررا بليغا، على أن القارئ إذا تذكر الطلبات التي اتفقت عليها الروسيا والنمسا وألمانيا في برلين بشأن البوسنة والهرسك وطلبتها من الباب العالي، لوجد شروط الدولة العلية مع الصرب أخف كثيرا من طلبات الدول، مع أن الدولة غلبت الصرب وانتصرت عليها انتصارا باهرا. فطلبت الدول من إنكلترا التي كانت تدعي مساعدة تركيا - وما كانت تعمل في الحقيقة إلا على تشجيع رجال تركيا في معارضتهم ضد الدول مع علمها باتفاق الدول كلها ضد تركيا - أن تعرض على الباب العالي شروطا أخرى.
وفي هذه الأثناء جلس جلالة مولانا السلطان الأعظم والخليفة الأكبر «عبد الحميد خان» على أريكة المملكة العثمانية، حيث المصاعب تحيط بها من كل جانب، وأعداؤها يدسون لها الدسائس في كافة أنحائها، والدول كلها متحدة ضدها، فبذل أقصى جهده في تنظيم الأمور وإصلاح الأحوال ودفع المصائب والأخطار.
وقد عرض الكونت «دي بيكونسفيلد» الوزير الأول لإنكلترا على الدولة العلية عقد هدنة لمدة ستة أسابيع للمخابرة فيها في شروط الصلح، وبقاء الحالة على ما هي عليه في صربيا، ومنح البوسنة والهرسك استقلالا إداريا، فرفضت الدولة هذه الطلبات، خصوصا وأن القيصر أوعز إلى صربيا باستئناف الحرب مرة ثانية، فجمعت جنودها وجندت من لم يجند منهم. وفي 1 أكتوبر سنة 1876 أرسل القيصر إلى «فرنسوا جوزيف» إمبراطور النمسا كتابا سريا سأله فيه اتحاد النمسا مع الروسيا لاحتلال بلاد البلقان كلها، فرفض إمبراطور النمسا طلب القيصر خوفا من نتائج عمل خطير كهذا.
وفي 5 أكتوبر طلبت إنكلترا من الدولة العلية عقد هدنة لمدة ستة أسابيع، وفتح مذاكرة بين الدول وقت الهدنة بشأن عقد الصلح، فأجابت الدولة العلية بأن الهدنة يجب أن تكون لمدة ستة أشهر حتى تستطيع جنودها أن تستريح من أنصاب الحرب، وبأن يمنع وصول الأسلحة والذخائر لثوار البوسنة والهرسك ولصربيا والجبل الأسود وقت الهدنة. فلم تقبل الدول طلب الدولة العلية العادل، وأرسلت الروسيا في 15 أكتوبر الجنرال «أغناتييف» للآستانة حاملا إنذارا للباب العالي يتضمن هذه الشروط:
أولا:
عقد هدنة لمدة ستة أسابيع بلا شرط.
ثانيا:
منح البوسنة والهرسك وبلغاريا استقلالا إداريا.
Página desconocida