La Gran Tragedia
المأساة الكبرى: رواية تشخيصية في الحرب الحاضرة
Géneros
ما أحلى هذا اليوم المنتظر!
ولأبيه يقول جلالة أبي ومولاي الإمبراطور المعظم إنه يريد أن يعرف مبلغ استعداد جيوشه المظفرة، وحقيقة أميال أمته المخلصة، فالذي أعرفه عن الجميع يسر جلالته كثيرا، فالجنود على أتم الأهبة، ولي يقين بأني أفتح العالم بهم، وثقتي هذه بهم من تأكد محبتهم لي؛ لأنهم يرونني أميل إلى تحقيق أمانيهم، ولأني مع ذلك حائز لثقة جلالة الإمبراطور الذي ينظرون إليه كنظرهم إلى معبود، والأمة لا تختلف عنهم في فضل التربية الجرمانية العالية التي غرسها فيها الأساتذة في المدارس، والفلاسفة في الكتب، والأمهات في البيوت حسب أوامر جلالتكم السامية، حتى أصبحت الأمة الألمانية كلها تتحرك حركة واحدة بإرادة واحدة كالآلة الميكانيكية العمياء، وما هي عمياء؛ لأنها تعلم لكم أنتم عينها الباصرة، وإن شاء جلالة مولاي زيادة إفصاح؛ فليدع إليه الذين ذكرهم من رجال مملكته.
الإمبراطور (لابنه) :
وإنه لكذلك، فادع كبير حرسي يدعوهم لي. (يذهب والإمبراطور يقول في نفسه) : ما هذه المتناقضات؟ أدب بقحة، وتزلف بكبر، وخضوع بتهديد، إني غير مطمئن إلى هذا الولد إلا إذا شهرت الحرب ودفعته إلى خوض معامعها.
المنظر الثاني (غيليوم ووزراؤه وقواده والكرونبرنس والحكيم في قصر الإمبراطور.)
الإمبراطور (يخطب فيهم) :
دعوتكم - أيها الوزراء الكرام والقواد العظام - لأمر هام جدا، يتوقف عليه مستقبل الأمة الألمانية المجيدة، ومستقبل آل هوهنزلرن الأكارم، الأمة الألمانية التي خلقها الله لكي تسود الأرض، والتي أعدتها تربيتها الخاصة لأن تكون فوق كل الأمم مهددة اليوم في حياتها، وآل بيتي المجيد الذين أرسلهم الله؛ لكي يقودوا هذه الأمة العظيمة إلى المجد لا يستطيعون أن يروا ذلك بقلب بارد، وعين غافلة ، فأنا الذي أمثل في أقنومي المقدس الهوهنزلريين أصحاب المجد الباذخ أراني مسئولا أمام الله، وأمام نفسي، وأمام آلي الأماجد إذا لم أدرأ عن أمتي الأخطار التي تتهددها من كل جانب.
الأمم جميعها تحسدنا لأننا متفوقون عليهم في كل أمر: في العلم والفلسفة، في الصناعة والتجارة، في الذكا والنشاط، والذين منهم يهمهم أمرنا أكثر من الآخرين عاملون على بث العراقيل في سبيلنا؛ فإن رمينا إلى الاستعمار، وقفوا في وجهنا، وإن قوينا بحريتنا شكوا منا وقاموا يناظروننا، وإن أصلحنا جنديتنا أساءوا الظن بنا وزادوا جيوشهم ليتفوقوا علينا. وهذه روسيا بفضل أموال الفرنساويين ستصبح في سنين قليلة ذات جيش جرار مستوفي العدة ممهد الطرق، حتى يكون لها من ذلك كله قوة لا تقف في وجهها دولة من دول الأرض مهما تكن قوية، فالخطر علينا في البر من الروس خطر السيل الجارف، والخطر علينا في البحر من الإنكليز خطر الحيتان الكبيرة على السمك الصغير، نحن أمة مسالمة لا نطلب إلا أن نعيش. وهم يضيقون علينا المذاهب، ولقد طال صبرنا؛ لأننا لا نريد أن نكدر السلم الأوروبي، فهل تريدون أن يتحول صبرنا إلى موت لا يبقي منا سوى جثة هامدة تجتمع حولها النسور؟ فإن رضيتم أنتم ورضيت أمتي بهذا العار؛ فمعاذ الله أن أرضى أنا به، ودم آبائي في عروقي يصرخ بي: الثأر، الثأر، والنار ولا العار، والأمة الألمانية خلقت لأن تكون فوق الكل، فيجب أن تكون فوق الكل.
قلت الثأر لأنه لا يجوز للأمة الألمانية أن تغضي عن أقل مزاحمة لها، أو مغاضبة من دون أن يمس ذلك بشرفها وشرف مصلحتها، فكل مناظرة يقصد بها التقدم علينا هي جناية علينا يجب أن نثأر لها.
انظروا إلى فرنسا جارتنا في البر، فبدلا من أن تكون حليفتنا لنفتح بها العالم؛ هي التي تمد أعداءنا بالمال، وتنظم المحالفات ضدنا، وتسابقنا إلى الاستعمار، وتهددنا بأخذ الثأر، مع أنا رحمناها رحمة لو رحمنا بها أية أمة سواها؛ لما نسيت لنا هذا الجميل، فقد أبقينا عليها، واكتفينا منها بالزهيد من المال يوم كنا قادرين ألا نبقي فيها حجرا على حجر، وهذه أكبر أغلاطنا في الحرب الماضية، والتي لأجلها لم أسامح بسمارك، وهي حتى اليوم عقبتنا الكبرى الحائلة بيننا وبين تحقيق حلمنا، ومد سطوتنا على المسكونة كلها، ولولاها لكنا الآن سائدين على العالم آمنين على أنفسنا من كل معتد أثيم، بل هي التي لا تفتر تحرك ضدنا، وتقلق راحتنا، وتعد العدة بالاتفاق مع سواها لسلبنا كل ما جنيناه بجدنا وكدنا، كل ذلك ونحن عليها صابرون، فإلى متى الصبر؟! وهل يليق بالأمة الألمانية التي هي فوق كل الأمم أن ترى ذلك، ولا تقسم هذه المرة بأن تثأر لنفسها، حتى لا تبقي ولا تذر على هذه الأمة الفرنساوية الناكرة الجميل.
Página desconocida