غزو الهون
وقد جاء بعد شاندراجويتا بين 411 و414م. ابنه كوماراجويتا الأول الذي خلفه ابنه شانداجويتا في 454م. وقد واجه هذا الملك غزوا من آسيا الصغرى من الهون الذين هددوا أوربا حين ساروا غربا في الإمبراطورية الرومانية الشرقية عابرين الربن إلى الجول. أما الهون البيض فقد ساروا جنوبا إلى الهند عن طريق الشمال الغربي، وفي 154 وقف الرومان والفيزيوحويثون زحف الهون، كذلك وسع شانداجويتا بعدئذ وقف زحفهم، وقد نعمت مملكته بالسلام في خلال خمسة عشر عاما، وفي 465 زحف الهون ثانية طاردين الكوشيين من كابول محتلين جندارا، وبعد خمس سنوات غزوا الهند وقوضوا إمبراطوريتها. وكان من أثر هذا انقسام أملاك الجويتا ممالك صغيرة وكان آخر من جلسوا على عرش ماجاده في أوائل القرن الثامن الميلادي «طوراما» زعيم الهون في الهند، وقد وطد دعائم ملكه في الشمال والغرب. «راجع كتاب تاريخ الهند الأول» ومات حول 510م، فخلفه ابنه ميهيراجولا الطاغية متخذا ساكالا (شاهكوت) عاصمة لملكه. ولما هزمه أمراء الهندوس المتحدون بقيادة «بالاديتياردر ناراسيمهاجويتا» ملك ماجاده وياسيدرهار مان أحد راجات الهند الوسطى، انتهى ملك الهون في 528 عدا جزءا في الشمال . كذلك زال ملك الهون البيض من آسيا الوسطى منذ قضى عليهم كسرى أنو شروان ملك الفرس تعاونه القبائل التركية ما بين 570 و650م.
نظام الحكم الداخلي
أما الباقي من القرن السادس فلم يعرف التاريخ عنه شيء إلى أن جاء عام 606 حين أصبح هارشافاردانا حاكما على دولة ثانيزار وزادت أسلحته إلى أن صارت 6000 فيل و100 ألف فارس عدا المشاة، وقد استطاع بها أن يجعل سافاراسترا «البنجاب»، وكالياكوبجا؛ وجاندا «البنجال» وميثيليا «درابانجا» وأوريسا تدين له بالولاء، وقد وسعه أن يستولي على السهول الشمالية من سوتييج إلى هوجلي وعلى الهند الوسطى إلى ضفاف نهري الشامبال والناربادا، أما مع الصين فقد كانت علاقاته بها ودية وقائمة على تبادل السفراء، وقد استطاع بعد غزواته الظافرة أن يحكم مملكته في سلام مدة ثلاثين عاما، غير أنه قد هزم حين حارب مملكة الساكا والدكن في الجنوب إذ كان عليهما الملك بوليكيسيين الثاني أعظم ملوك شالوكيا على ضفاف نهر ناربادا.
هذا وقد كانت أسرة هارشا تدين بالعبادة للإلهين سيفا والشمس، كذلك أصبح بوذيا كسنة الأباطرة الموريين، مؤمنا من البوذية بمذهب ماهايانا، وكان هارشا، إلى هذا، يقسم وقته ثلاث مدد؛ اثنين للواجبات الدينية وواحدة لشئون المملكة، وقد حرم لحم الحيوان وأكله وقتل النفس وأقام دورا لراحة المسافرين وطعامهم وشرابهم، وعين الأطباء لمعالجة مرضى الفقراء، وأقام الأديرة البوذية، وكانت له حاشية من النساء مماثلا في هذا شاندراجويتا. وقد كتب هارشا شاريتا شاعر قصر الملك تاريخا عن ملكه روى فيه أن جلالته كان يبدو كحبل من الحلي حين يتحلى بالقلادة المرصعة باللآلئ والمجوهرات المدلاة على الجانبين. وكان له وزراء وكانت إيرادات الدولة تقوم على سدس محصول أراضي التاج. هذا إلى موارد أخرى كعوائد طفيفة للدخولية ورسوم المعديات ونسبة مئوية عن البضائع المبيعة.
وكانت الضرائب طفيفة، وكانت مرتبات الموظفين تؤدى إليهم أرضا لا نقودا، وكانت الأجور تدفع إلى العمال المقترعين، وكانت خيانة الوطن معاقبا عليها بالسجن المؤبد التي كانت أحيانا تفسر بأنها الموت جوعا. أما الجرائم الأقل جسامة فكان معاقبا عليها ببتر بعض أعضاء الجسم أو النفي، أما الغرامة فكانت عقابا للجرائم الطفيفة الصغيرة.
دور العلم والأدب والتمثيل
وكانت الجامعة الكبرى البوذية ذات الأديرة في طبقاتها الست تستقبل إلى الألوف من ضيوفها، طلبة العلم الذين يتلقون العلم والطعام والفراش والدواء على نفقة الدولة ومن غير مقابل، غير أن البرهمية كانت ديانة الأكثرية، وكان العلماء يدرسون الفيدانتا في ملاجئ نساك الغابات، وكان أشهر الآلهة يومئذ: فيشنو وسيفا والشمس، وكان لهذه الآلهة الثلاث معابد لعبادتهم جميعا في كانيا كوبجا، التي كانت يومئذ مركزا للبوذية والبرهمية. أما بنارس فقد كانت كما هي الآن مركزا لعبادة سيفا. ومنذ القرن الرابع نشرت الجاليات الهندية الحضارة الهندية والعقيدة البوذية في كامبوديا والملقا وجاوا. وفي عهد هارشا كانت سفن المحيط الكبيرة تستطيع أن تنقل مائتي شخص من تامرا ليبتي وسيلان وجاوا. كذلك ظهر الفن الهندوسي هناك. وقد ساد حكم الحوبناس والهارشا فأردانا البلاد من القرن الرابع إلى السابع.
وقد ظهر يومئذ قانون مانو وملحمة المهابهارات المتصلة بها. وفي آخر هذه المدة اتخذت الواجبات الدينية، بما اشتملت عليه من أعمال الآلهة والأبطال وسلسلة نسب ملوك الشمس والقمر، الشكل الحاضر.
هذا وقد تألق الأدب بما فيه من الدرامة والشعر في تلك الحقبة، ومضى من فكرة أدوار «الغناء والرقص» إلى الروايات الدينية التي تمثل تاريخ كريشنا وفيشنو. وفي عهد الجويتا كان المسرح ملهاة الأمراء والنبلاء في القصور وكان يحضر هذه الروايات رجال الأرستقراطية. ويجيد تمثيل الرواية فرق لا تستخدم مناظر خاصة ويفتتح تمثيل الرواية بعزف الموسيقى المشتملة أدواتها على المزمار وأدوات الأوركسترا، ثم يقوم مدير الفرقة وسيدتها الأولى بشيء يشبه العرض كمقدمة، ثم تمضي الرواية بما يجري فيها من الأحاديث الممتزجة بالأغاني والتمثيل الصامت، وقد كتبت أعظم الروايات الهندية بين بدء القرن الخامس ونهاية القرن الثامن الميلادي، وقد حفظ التاريخ من هذه الروايات فبكرامورقاسي والمالافيكا جنيمترا. ويعد من وضعوها من أعظم كتاب الدرامة وهناك روايات أخرى مهمة.
Página desconocida