La Cuestión Etíope

Abdullah Hussein d. 1361 AH
130

La Cuestión Etíope

المسألة الحبشية

Géneros

ومهمة الطيارات في هذا الجرم الفظيع أخف كثيرا من مهمة المدفعية؛ لأن كل عملها هو أن تلقي القنابل على ما تحتها بغير داع إلى مدفع بماسورة وفوهة، يقتضي قنبلة سميكة ثقيلة تتحمل شدة الضغط والدفع في انطلاقها؛ ولهذا نرى قنابل الغازات التي تلقى من الجو ذات جسم رقيق سهلة الانفجار لدى ارتطامها بالأرض .

بل إن خفتها تجعلها تنفجر على سطح الأرض، وخاصة أرض الشوارع الصلبة، وليس في باطنها كما يحدث لقنابل المدافع السميكة التي تغوص أحيانا في مكان سقوطها؛ فتدفن محتوياتها ويقل خطرها.

ولدى سقوط قنبلة كهذه من الجو وانفجارها على الأرض تخرج الغازات التي فيها مكونة لسحابة كثيفة فوقها، فإذا كان الغاز كالكلور أو الفوسجين أو غازات الأنف؛ فإنه يبقى قيد الريح ومهبها، فتحمله من هنا إلى هناك خانقا أو مؤذيا كل من يصادفه إلى أن يخففه الهواء ويفرقه أيدي سبأ. وقد يدفعه إلى داخل المباني والمساكن إذا أهمل أصحابها إحكام غلق نوافذها وأبوابها عند الإغارات الجوية، وهناك تبقى الغازات كامنة كالموت في الظلام، وإذا كان الهواء ساكنا فيبقى الغاز مكانه فوق قنبلته إلى أن يرحم الله الناس بهبة من النسيم.

أما إذا كانت القنبلة مملوءة بالسوائل كسائل الخردل وسوائل الدموع مثلا؛ فإن انفجارها يرش السائل في كل جهة فيبلل الأرض ويلطخ الحيطان وسواها، بل قد يتطاير منها رذاذ مع الريح مسافات طويلة، وتستمر هذه المواد مع التبخر طويلا؛ ولذا فإن هبوب الرياح لا ينظف الحي منها إلا بعد زوال كل آثارها.

ومن ذلك نرى أن الطيارات تقذف الغازات السامة بشكل قنابل مملوءة بها، ولكنها تستطيع كذلك أن تمطر بعضها كسائل الخردل وسواه بشكل رذاذ كالمطر يلهب العيون ويشوي الأيدي والوجوه ويلوث الملابس، وقد يكون الرذاذ من الضآلة بحيث لا يشعر به الإنسان؛ ولهذا فإن الإسراع إلى الاختفاء داخل المنازل أو تحت الأمكنة المسقوفة هو أكثر أمنا من الوجود في العراء.

من النظم المقررة لدى السلطات العسكرية في أثناء الحرب أنه قبيل حدوث هجوم جوي من طيارات الأعداء أو لدى حدوثه تقوم تلك السلطات بإعطاء إشارة خاصة متفق عليها ومعروفة للجمهور لاتقاء شر هذا الهجوم. وقد تكون تلك الإشارة دق النواقيس أو إطلاق الصواريخ أو الأبواق أو المدافع أو إضاءة بعض الأنوار أو غير ذلك، كما أنه بعد انتهاء إغارة العدو تعطي إشارة أخرى برحيلها.

ومن المفهوم بطبيعة الحال أن إشارة رحيل هؤلاء الضيوف المكروهين لا تعني زوال الخطر؛ إذ لا شك أن شبح الموت أو الأذى من الغازات السامة يبقى ماثلا أمدا قصيرا أو طويلا في المدينة بعد تلك الزيارة المزعجة.

أما الطرق التي يجب على الجمهور العلم بها وسرعة اتباعها في مثل تلك الأحوال، فيمكن حصرها في النقط الرئيسية الآتية: (1)

ما يجب اتباعه إذا كان الإنسان في العراء. (2)

الاحتياطات اللازم اتباعها داخل المباني. (3)

Página desconocida